وعلى هذا الدّرب سار من تشبّه باليهود والنّصارى .. فأنا لا أتكلّم فقط عن القنوات الفضائيّة أو الأجنبيّة، بل الحديث ينصبّ كذلك على القنوات المحلّية والعربيّة، فتراهم يريدون نشر الانحلال عن طريق الأفلام العربيّة، ولا يخفى على أحد انتشار الأفلام المدبلجة في العشرين سنة الأخيرة، وما تحويه من دعاية لقصص الحبّ والعشق والغرام، وإشهارا للألبسة الحرام، ولم يُبتل البيت الجزائريّ كما ابتُلِي بمثل هذه الأفلام ..
إنّ في مشاهدة كلّ البرامج على شاشة التّلفاز أو الدشّ، فيه من المصائب ما الله به عليم:
1 - المساس بعقائد المسلمين.
2 - إضعاف عقيدة الولاء والبراء.
3 - نشر الأفكار الخاطئة والمبادئ الهدّامة.
4 - نشر الفساد والرذيلة.
5 - ذهاب الغيرة شيئا فشيئا.
6 - ضياع الأوقات. وغير ذلك من المفاسد.
النّقطة الثّالثة: نداء إلى كلّ أب وأمّ .. هل أنت في صفوف العدوّ؟ ..
إذا علمت حقيقة هذا الغزو، فأين أنت؟ لماذا ترضى لنفسك يا أخي أن تكون ممّن يساعدون الأعداء وينفّذون مخطّطاتهم الراميةِ إلى ضرب الأمّة في عقيدتها وأخلاقها .. في عزّتها ومجدها.
يا صاحب التّلفاز! ويا صاحب الدشّ .. !
أيّها العاكف على صنم المرئيّات والفضائيّات، متنقلاً بجهازك الصّغير من بلد إلى أخرى، ومن قناة إلى قناة، باحثاً عن المتعة الشهوانية، واللذّة البهيمية، والسّعادة الزّائفة، من أفلامٍ هابطةٍ، ومسلسلاتٍ ساقطةٍ، وخمرٍ، وقمارٍ، وعُريٍ ومجونٍ، وفسادٍ وفتون، وعقائد فاسدةٍ، ووثنيةٍ بائدةٍ، وجاهليةٍ حاقدة!
أليست هذه غفلةً عن الله وذكره وعبادته؟ وعن الموت وسكرته؟ وعن القبر وظلمته؟ وعن الحساب وشدته؟
أليس هذا تفريطاً فيما ينفعك، واهتماماً بما يضرك في العاجل والآجل؟
أليس هذا اتباعاً للهوى وانقياداً للشهوة؟
أفق أيّها الرّجل قبل أن تقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ .. } ثم يأتيك جواب الواحد الأحد: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}
قد تقول: أنا أستعمله في نطاق محدود، والشرّ عنّي مسدود، وهل ابنك يستعمله في نطاق محدود؟ هل زوجتك وابنتك تستعمله في نطاق محدود؟
ثمّ أقول لك: هل النّظر إلى المرأة الأجنبيّة بمفاتنها، وخيلها ورَجِلِها نطاق محدود .. ؟
هل سماع الأغانيّ الماجنة، ورؤية الرّقصة الفاتنة مجال محدود؟
لست أنت الّذي يعرف الحدود، إنّ الله تعالى هو الّذي وضع لك الحدود ..
يا من جَلَبْت الدشَّ رفقاً إنما أفسدت ما في البيت من غلمانِ
خنت الأمانةَ في الشبابِ وفي النساء وجعلت بيتك منتدى الشيطانِ
خُنتَ الأمانةَ في البنات ولن ترى منهن برًّا إنهن عواني
ترضى لنفسٍك أن تكون مفرطاً في الدين والأخلاقِ والإيمانِ
ترضى لنفسكِ أن تكون مزعزعاً لقواعدِ الإسلام والإيمانِ
ترضى لنفسك أن تكون مروّجاً لبضاعة الكفران والخسرانِ
أفسدت ما في البيت من أخلاقه أذهبتَ ما في البيت من إحسانِ
أدخلتَ في البيتِ الضلال مع الخنا والفسقَ بعد تلاوة القرآنِلن يسلمَ إيمانُك إلا بتكسيرِ صنم الهوى والشهوةِ في قلبِك ..
قال أبو عليّ الدقاق: "من ملك شهوته في حال شبيبته، أعزه الله تعالى في حال كهولته"
ألا تريد أن يحفظك الله حال كهولتك وشيخوختك؟ فاحفظ الله يحفظك .. احفظ الله يحفظ زوجتك وأبناءك .. احفظ الله يحفظ مجتمعك وأمتك.
أين أنت يا عاكفا على مثل هذه المستنقعات؟!
أين أنت من قوله تعالى: {قُل للمُؤمِنِينَ يَغُضوا مِن أَبصَرِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذلِكَ أَزكَى لَهُم إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ} [النور:30].
أين أنت من قوله تعالى: {يَعلَمُ خَائِنَةَ الأعيُنِ وَمَا تُخفِي الصدُورُ} [غافر:19].
أين أنت من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة} [التحريم:6]
أين أنت من قوله تعالى: {إِن السمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُل أُولئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً} [الإسراء:36].
أين أنت من قوله تعالى: {وَالذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَفِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزوجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمَنُهُم فَإِنهُم غَيرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابتَغَى وَرَاء ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ} [المؤمنون:5 - 7]
أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( .. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) [رواه مسلم].
أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء)) [متفق عليه].
أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: "العينان تزنيان وزناهما النظر" [متفق عليه].
أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: "أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني" [متفق عليه].
أعلم أنّ هذا الكلام تراه موجعا مؤلما، ولكنّك تعلم أنّه حقّ، فإن عجزت عن الامتثال لهذه الأحكام، فقلّل ما في بيتك من الحرام، وتذكّر قول المولى وهو يقول: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21].
والله الموفّق لا ربّ سواه.
بقلم الشيخ أبو جابر عبد الحليم الجزائري * حفظه الله *
المصدر ( http://tebessa.forume.biz/montada-f16/topic-t2889.htm#8366)