ثم بعد أن مات النبي صلى الله عليه وسلم " ورثها من بعده خلفاؤه الراشدون، وهم أركان البلاغة، ودعائم البيان، وسادات الفصاحة، ثم من بعدهم ملوك بني أمية وعمالهم، ثم خلفاء بني العباس، ثم اتسعت حتىأصبحت في العلماء والمشايخ، إلى أن اتسع نطاقها لما هو أبعد من ذلك حتى أصبح فيمصرٍ واحدٍ في هذا العصر أكثر من ألفي جامع، ولله الحمد والمنة" [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn9) .
خامساً: إن المتتبع لمقاصد خطبة الجمعة يجد كثيراً من المقاصد السامية ومن ذلك:
1.أن خطبة الجمعة من الدعوة إلى الله، قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل / 125].
2.وهي من البلاغ المأمور به، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية .. ) الحديث رواه البخاري [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10).
3. وخطبة الجمعة فيها تمثل لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران / 104].
4.والتذكير مقصد آخر من مقاصد خطبة الجمعة، قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات/ 55].
5.التعليم والنصح مقصدان عظيمان من مقاصد خطبة الجمعة، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن الله و ملائكته، حتى النملة في جحرها، و حتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير) [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn11) .
وغير ذلك من المقاصد العظيمة من الدلالة إلى الخير، والتحذير من الشر، والاجتماع، والتعاون على البر والتقوى، والإصلاح، والتربية، وغير ذلك كثير، فخطبة الجمعة محضن عظيم، تتضمن كل ما فيه صلاح المسلم في دينه ودنياه.
سادساً: مكانة الخطبة الرفيعة من مكانة المسجد في الإسلام، فالخطب في المسجد الجامع، والمسجد له مكانته العظيمة في الإسلام، فالمساجد أفضل بقاع الأرض، قال صلى الله عليه وسلم: (خير البقاع المساجد .. ) الحديث [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn12) ، ومنها انطلق نور الإسلام للبشرية، وكانت ومازالت لله الحمد دور العبادة، والطاعة، والعلم، والدعوة.
سابعاً: وإن من مكانة خطبة الجمعة، أن نُدب المسلم للتبكير للاستماع لها، والتهيئة لذلك، فقد رتب الشارع الحكيم على التبكير للحضور يوم الجمعة أجراً عظيماً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة،ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذاخرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13)
كما أن الشارع الحكيم حث على الإنصات للخطبة، وحذر من التهاون في ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسالحصى فقد لغا) [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14)، وقال صلى الله عليه وسلم (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت) رواه البخاري ومسلم [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn15) .
¥