تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنما صارت سنة بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذا معلوم، وإنما الشأن في إقراره لهم في سلوك هذه الطريقة من إحداث الذكر من عند أنفسهم.

والمتأمل في هذه الوقائع:

يجد أن النبي صلى الله عليه رتب الفضل عليها بوقوعها منهم، وذلك قبل حصول إقراره

وبيان ذلك:

أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال " عجبت لها فتحت لها أبواب السماء " وحينما قال " لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها "

فإن فتح أبواب السماء وابتدار جماعة الملائكة كان قبل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهم فحصلت فضيلة هذا الدعاء قبل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ثم زاد فضله بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم وما أحدثه من تعجبه.

وأما لو كان مشروعا بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم فحسب فما جوابه عن تفتح أبواب السماء وعن ابتدار جماعة الملائكة قبل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم.

الرابع: الإجماع على مشروعية عموم الذكر في الصلاة مطلقا، قال ابن رجب " فأما الثناء على الله: فمتفق على جوازه في الصلاة. "

وتقرير الأئمة كما في النقولات السابقة:

أن الذي يبطل الصلاة هو الكلام لا الذكر فإنه شأن الصلاة.

الخامس: عمل بعض الصحابة ببعض الاستفتاحات التي لم تأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم. [مكرر]

السادس:

ان هذا قول جماعة من أهل العلم كما هو صريح كلام الشافعي رحمه الله في الأم، وإشارة ابن خزيمة في الصحيح بتسويغه استفتاح عمر، وهو قول ابن عبد البر في الاستذكار وهو قول ابن دقيق العيد في الإحكام مع تعليق الصنعاني في العدة، وهو ما ذكره ابن حجر في الفتح من استدلال بعضهم بالحديث على جواز إحداث ذكر غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور ولم يتعقب ابن حجر هذا الاستدلال، وكذا كل من نقله عنه مثل الشوكاني والمباركفوري خلا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

وهو معنى ما ذكره ابن تيمية وكرره في أكثر من موضع في الفتاوى، كما سبق في النقولات.

السابع: أن هذا الفهم كما أنه هو ظاهر الحديث وكما أنه مخرجٌ لهذه الصورة من حيز البدع فإن فيه سلامة من التكلف الوارد من الجواب عن الأحاديث الواردة في الباب وذلك أن هذا القيل من تخريج هذه النصوص بأنها إنما كانت في زمن التشريع يوجب إشكالا من جهة التفريق بين البدع: بين ما كان في زمن التشريع وبين ما كان بعده.

والسؤال:

أكانت البدع سائغة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويتوقف أمرها على إقرار النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل يلتزم أهل السنة بهذا الجواب؟

ثم ما الدليل على هذا التفريق خصوصا مع اعتبار أهل السنة جنس البدعة أصلا مفارقا لمذهب أهل السنة، كيف يجوز أن يقع أفراده من أصحاب رسول الله عليه وسلم ومن غير إنكار عليهم.

ألم يكن أصحاب رسول الله عليه وسلم هم أعظم الناس إحكاماً بهذا الباب، هذه قضية غير قابلة للنقاش.

الثامن:

لعل الشرود عن ظاهر الحديث يوجب الوقوع في شر من ذلك من استطالة أهل البدع على أهل السنة، بأن البدعة ساغت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها.

أما الجواب، بأنه إنما جاز ذلك بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم، فهو لا يدفع عنهم بل يزيد من الاستطالة عليهم.

فالإقرار في النصوص وقع من جهتين:

1 من جهة هذه الأذكار، وصارت بهذا الإقرار من جملة السنن المشروعة.

2 - من جهة الإقرار على إحداث هذه الأذكار، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم إحداث هذه الأذكار من حيث الأصل، ولم يقل لهم: زادكم الله حرصاً لكن لا تكرروا إحداث هذه الأذكار من عند أنفسكم، ومثل ذلك أنواع التلبية التي كان يصرخ بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بين يديه، على مرأىً ومسمع منه.

وأخيراً: نقول:

لمن اتكأ على هذه النصوص بتسويغ البدع والمحدثات فيما كان أمره موقوفا على الشارع تمهل، إنما ساغت هذه لأن الأصل فيها الجواز، فذكر الله متفق على تسويغه في الصلاة، حكى ذلك ابن رجب، وقرره الأئمة: الشافعي وابن عبد البر، وابن تيمية، ومنه سهل ابن تيمية من الخلاف في القنوت؛ لأنه دعاء والدعاء سائغ في الصلاة، ومنه سهل ابن رجب في مسألة سؤال الرحمة والاستعاذة من العذاب في وقوعه في الفريضة وإن كان الوارد هو في النفل، ومن ذلك ما شرع من الثناء على الله عز وجل عند من عجز عن قراءة الفاتحة.

وبذلك تكون هذه النصوص هي خارج عما أوقفه الشارع، فلا تصلح أن تكون دليلا على جواز الإحداث فيما أوقفه الشارع من أمور العبادات.

وبهذه الطريقة تنتظم بإذن الله النصوص مع أقوال الأئمة، ومع أصول أهل السنة باب السنن والبدع.

وتندفع به استطال أهل الأهواء والبدع من غير تكلف، والحمد لله على توفيقه.

والله أعلم.

ـ[السوادي]ــــــــ[26 - 05 - 09, 05:43 م]ـ

بارك الله فيك

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[26 - 05 - 09, 11:49 م]ـ

الجواب عن بعض النصوص المفيدة

لإحداث بعض الصحابة بعض الأذكار في الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد.

فهذا بحثٌ لطيف، سببه استثارة شيخنا الفاضل الـ أ. د. عبد الغطيمل، لطلبته لحل بعض الإشكالات، وذكر منها، إحداث بعض الصحابة لبعض الأذكار في الصلاة، والمقرر في هذا الباب هو الوقوف والاتباع.

وما ذكَّرني بهذا البحث هو اطلاعي على برنامج قناة اقرأ والذي أعده الأخ مصطفى فهمي، والذي كان من جملة معاوله في هدم أصول أهل السنة في باب البدعة هو الاستدلال بهذه الآثار، فرأيت أن الوقت قد حان لبعث هذا البحث من مرقده.

والبحث، مجزء على قسمين، قسمٌ في النقولات، وقسم في نتيجة البحث


آمل من المشرف التعديل: مصطفى حسني
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير