تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["حكم الإكراه في النكاح" للشيخ سمير المالكي]

ـ[طارق بن إحسان]ــــــــ[25 - 05 - 09, 05:10 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

"حكم الإكراه في النكاح"

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد، فقد ذكرت في المبحث السابق حكم زواج الصغيرات، وبينت فيه جوازه بالأدلة الصريحة من القرآن والسنة، وذكرت أقوال بعض أهل العلم في ذلك. وبقيت مسألتان، مسألة إكراه المرأة على الزواج، ومسألة الكفاءة في النكاح.

المسألة الأولى

" إكراه المرأة على الزواج بمن لا ترغب "

وهذه المسألة قد حصل فيها خلاف قديم، وقد قسم العلماء النساء إلى أقسام:

القسم الأول: البكر الصغيرة، وهي التي لم تبلغ ولها أب.

قال ابن قدامة في المغني [9/ 398] " قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذا زوجها من كفء، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها ".

ثم استدل ابن قدامة بآية { .. فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} [الطلاق 4] وقال " فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها فيعتبر ".

ثم استدل ابن قدامة أيضاً بقصة عائشة رضي الله عنها ونكاحها وهي بنت ست سنين، ثم قال " ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها ".

واستدل كذلك بزواج قدامة بن مظعون بابنة الزبير وهي طفلة، وبزواج عمر بن الخطاب بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهي صغيرة.

وقال ابن عبد البر: " أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها، لتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين، إلا أن العراقيين قالوا: لها الخيار إذا بلغت، وأبى ذلك أهل الحجاز، ولا حجة مع من جعل لها الخيار – عندي – والله أعلم.

قال أبو قرة: سألت مالكاً عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (والبكر تستأذن في نفسها)، أيصيب هذا القول الأب؟ قال لا، لم يُعن الأب بهذا، إنما عني به غير الأب، وإنكاح الأب جائز على الصغار من ولده، ذكراً كان أو أنثى " اهـ. انظر التمهيد [19/ 98].

ونقل ابن عبد البر في التمهيد [19/ 84] قول إسماعيل بن إسحق " والأب له أن يزوج الصغيرة بإجماع من المسلمين ثم يلزمها ذلك، ولا يكون لها في نفسها خيار إذا بلغت " اهـ.

وقال ابن حجر في الفتح [9/ 123] " قال ابن بطال: يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعاً، ولو كانت في المهد، لكن لا يمكّن منها حتى تصلح للوطء " اهـ.

وقال ابن حزم في المحلى [9/ 458] " وللأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر مالم تبلغ بغير إذنها، ولا خيار لها إذا بلغت .. " ثم قال " قال ابن شبرمة: لا يجوز إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن، ورأى أمر عائشة رضي الله عنها خصوصاً للنبي صلى الله عليه وسلم ".

ثم قال ابن حزم " الحجة في إجازة إنكاح الأب ابنته الصغيرة البكر، إنكاح أبي بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين، وهذا أمر مشهور غنينا عن إيراد الإسناد فيه، فمن ادعى أنه خصوص لم يلتفت لقوله، لقول الله عز وجل (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر).

فكل ما فعله عليه الصلاة والسلام فلنا أن نتأسى به فيه، إلا أن يأتي نص بأنه له خصوص " اهـ.

قلت: فالإجماع منعقد على جواز إجبار الأب ابنته الصغيرة البكر، كما قال ابن المنذر وغيره، وانظر أيضاٌ مجموع فتاوى ابن تيمية [32/ 22] وفقه السنة لسيد سابق [2/ 130].

لكن هذا الحكم مقيد بشروط / أهمها: الكفاءة، كما نص عليه ابن المنذر وغيره، وسيأتي الكلام عن معنى الكفاءة المعتبرة في النكاح في المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.

تنبيه

فرّق بعض أهل العلم بين من بلغت تسع سنين، ومن هي دون التسع، فرأى إلحاق بنت التسع بالبالغة في حكم الإجبار.

قال ابن قدامة في المغني [9/ 404] " وإذا بلغت الجارية تسع سنين ففيها روايتان، إحداهما: أنها كمن لم تبلغ تسعاً. نصّ عليه في رواية الأثرم. وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وسائر الفقهاء، قالوا: حكم بنت تسع سنين حكم بنت ثمان، لأنها غير بالغة، ولأن إذنها لا يعتبر في سائر التصرفات، فكذلك في النكاح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير