وقال تعالى:) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (فصلت-36
وقال تعالى:) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (غافر-56
ومنه قوله تعالى عن أم مريم:) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (آل عمران-36
والقسم الثاني من الاستعاذة: عند قراءة القرآن في الصلاة أو خارجها.
قال تعالى:) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (النحل-98
- وقد قال الإمام أحمد في رواية حنبل: لا يقرأ في صلاة ولا غير صلاة إلا استعاذ لقوله عز وجل:) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (وقال في رواية عنه: كلما قرأ يستعيذ.
· الاستعاذة قبل القراءة
والاستعاذة تكون قبل القراءة وقالت طائفة من العلماء: يتعوذ بعد القراءة واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة ..
وحكي قول ثالث: وهو الاستعاذة أولا وآخراً جمعا بين الدليلين ..
والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها، ومعنى الآية عندهم:) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (أي إذا أردت القراءة كقوله تعالى:) إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم (أي إذا أردتم القيام.
والدليل على ذلك الأحاديث الواردة عن رسول الله r بذلك.
· فوائد الاستعاذة عند قراءة القرآن
قال ابن القيم:
فأمر سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن لوجوه:
منها: أن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة.
ومنها: أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب كما أن مادة الشيطان نار تحرق فكلما أحس بنبات الخير من القلب سعى في إفساده وإحراقه فأمر أن يستعيذ بالله عز وجل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن.
ومنها: أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها مثل المصابيح فقال عليه الصلاة والسلام: تلك الملائكة.
[رواه البخاري 5018 ومسلم 795 باب نزول السكينة عند قراءة القرآن].
والشيطان ضد الملك وعدوه فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى يحضره خاص ملائكته فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين.
ومنها: أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاعه به فأمر عند الشروع أن يستعيذ بالله عز وجل منه.
ومنها: أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه والله تعالى أشد أذنا للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الرب قراءته.
ومنها: أن الله سبحانه أخبر أنه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته والسلف كلهم على أن المعنى: إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته قال الشاعر في عثمان:
تمنى كتاب الله أول ليله ** وآخره لاقى حمام المقادر.
فإذا كان هذا فعله مع الرسل عليهم السلام فكيف بغيرهم!
ولهذا يغلط – الشيطان- القارئ تارة ويخلط عليه القراءة ويشوشها عليه فيخبط عليه لسانه أو يشوش عليه ذهنه وقلبه فإذا حضر عند القراءة لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا وربما جمعهما له فكان من أهم الأمور: الاستعاذة بالله تعالى منه.
ومنها: أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه ..
¥