تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا شك أن التحولات المريعة لبعض النخب من الدعاة وطلبة العلم أحدثت نوعاً من الارتياب في صحة صواب وأصول المنهج والمبادئ التي يتمسك بها الناس , وان كان هذا التحول وهذا الارتياب لا يؤثران على المبادئ ذاتها إذ هي صافية نقية وان غشيتها الغواشي. . . لكن السؤال الذي يلوح في أفق دعاة اليوم من الذين قاموا بأمر الله على نور من الله يريدون وجه الله هو: ما الذي جرى؟ لماذا تغيروا؟ من الذي غيرهم , وما الذي غيرهم؟ أين الصحيح والأقوم ما كان بالأمس أو ما أضحى اليوم؟ هل لازال عند القوم ثوابت أم هي كلها مرحلية؟. أسئلة كثيرة تثار حتى ظن بعض الغيورين أنه لن يجد جواباً شافياً على هذه الأسئلة حتى يلقى الله وهناك الحق الصراح!!

إن كل من يجري على ظهر هذه البسيطة تجري عليه عوامل التغيير , وظواهر تأثير الزمن , ومرا حل العمر , وطبيعة الحياة التي يعيشها, وعلى اثر هذه التغييرات من حوله تتأثر نفسيته وتبعاً لها مواقفه بعد أن طال التغيير كثيراً من تراكيبه الداخلية والفسيولوجية التي وبلا شك لها أثر بالغ في التفكير واتخاذ المواقف تجاه الناس والأشياء وخاصة المستجدات.

وغالب البشر يشعرون بهذه التغييرات في أنفسهم خصوصاً عند ملاحظتهم لاختلاف أرائهم في مراحلهم العمرية , فحينما كان صغيراً يسير خلف أبيه كانت نظرته بذلك الحجم , وعندما كبر قليلاً شعر أنه كان لا يدرك كثير من الأمور وبدأ يشب عن الطوق ويمد يده إلى ما كان محرماً سابقاً فكيف بعينه وقلبه وأمنياته وآرائه!!! ... أوردت مثل هذا الحديث في مطلع هذه الكلمات حتى يستصحب أن الدعاة بشر يتأثرون ويصيبهم ما يصيب الناس من حولهم , وحتى يعلم أيضاً أن بعض التغيير ممدوح محمود , وبعض الدعاة لا يستطيع أن يجعل مواقفه الدعوية والمنهجية بعيدة عن خلفياته النفسية وعواطفه فيخرج رأيه وموقفه خليط بين الدليل والعاطفة , والتشفي والانتقام وقصد الحق في بعض الأحيان.

سل الدعاة عن آخرهم , بل البشر كلهم هل تغير من كتاب الله شيء؟ أم هل السنة النبوية أضيف إليها مالم يكن منها؟ أم حذف منها ماكان من منها؟ لا شك أن الإجماع والإطباق حاصل على هذا ولا خلاف فيمن يعتد برأيهم في ذلك من عقلاء الناس ... وسل الدعاة والعلماء أيضاً هل تطبيق ما في كتاب الله تعالى وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ توقيفي محدد بكل تفاصيله ودقائقه على اختلاف واقع الناس وأحوالهم وأماكنهم.؟ لا شك أن في هذا تفصيل وتوضيح يقع عليه كذلك إجماع علمائنا كما هم موضح في كتب ومدونات أصول الفقه , إذ الواقع لايغير الحكم ولكن تطبيق الحكم في الواقع بقدر المستطاع والممكن , ويجب حمل الناس على مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم محملاً حسناً من غير مشقة ولا تعنت.

ليس في هذين الأصلين إشكال ولكنه يقع في تجيير بعض قواعد الدين ومناهج تطبيقها في الواقع لمصالح أخرى تتبين فيما يأتي إن شاء الله تعالى. ويسأل متسائل إذا كان الدين لم يتغير وتطبيقه في الواقع بحسب الإمكان واجتهاد من يحق لهم الاجتهاد. . إذاً فما الخلل وهذان معلومان من قديم وفي الحديث , ولم يحدث فيهما تغيير ولا تبديل؟؟ وحقاً انه عجب لمن لم يعرف العجب!!!

لا شك أحبتي أن الحديث عن هذه النقاط الحساسة يحتاج إلى طول إيضاح , وإسهاب في الحديث حتى يفهم الكلام على وجهه , غير أني بعد هذه المقدمات أريد أن أعود إلى عنوان مقالي حتى أستفيد منه في صلب موضوعي فهو مهم للغاية , وأريد أن يكون كذلك معجون بعجين القلم والفكر حتى يتبين ما لم يكن بين.

إن العجن الحاصل جراء بعض الظروف لحالات بعض الدعاة أصبح ظاهرة لا تجد لها كثيراً من المبررات والمسوغات , فلو بقي الاجتهاد فيما يسوغ فيه , أوفي بعض الفتاوى والآراء الفقهية أو حتى بعض المواقف غير الأساسية التي تمس منهج الداعية الدعوي لساغ ذلك. ولكن هناك تغير كلي شمل كل المواقف وطال مواقف أساسية كان الداعية لا يرضى حتى أن تمس بسهام النقد أو النقاش حولها فضلاً عن التغيير , ثم أصبح اليوم يحيد عنها ويقول تلك: فورة شباب!! أو حماس عاطفي!! فأصبح المراقبون يخافون أن يطول عمر بعض الدعاة حتى لا يفاجئنا بعد عقد آخر من الزمان وإذا ثوابت اليوم أصبحت أخطاءً يستغفر الله منها!!!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير