تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أكل ميراث البنات]

ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[30 - 05 - 09, 01:20 م]ـ

حُوباً كَبِيراً

بقلم محمد مسعد ياقوت

موقع رسالة الإسلام ( http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=15&aid=9156)

شاعت في بعض المجمتعات ـ لا سيما في القرى والأرياف ـ جريمةُ أكلِ حقوق البناتِ في الميراث، وكأن آكلي حقوقَ البنات أبوا أن يَخرجوا من عصر أبي جهل وأبي لهب، حيث كان الجاهليون وعبدةُ الأوثانِ يأكلون حقوق البنات، أو أن هؤلاء الفاسقون العصريون أبوا على الإسلامِ أن يُعطيَ المرأةَ حقها في الميراثِ، أو كأنهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه، فهم يصلّون ويؤمنون بقول الله تعالى في سورة النساء {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} النساء103، ولسان حالهم وفعالهم، أنهم لا يؤمنون بقول الله تعالى في نفس السورة: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} النساء11

****

حَقّ الضَّعِيفَيْنِ:

ونقولُ لهؤلاء الذين فرقوا دينهم، وطبقوا آية وعطلوا أخرى، وصلوا ثم ظلموا، وزكوا ثم بخلوا، وصاموا ثم تركوا، وحجوا ثم ختموا حياتَهم بحجة إلى الشيطان ـ إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " اللهم إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ " [أخرجه أحمد وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة].

أَي: أُضيقه وأُحرمه على مَن ظلمهما.

إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرى بنور الله، أن هذين الضعيفين؛ يضيعان في العائلات الفاسقة، ويُأكلُ حقُهما على مائدة اللئام، في زمن شاعت فيه أخلاق اللئام، ونامت فيه أخلاق الكرام، حيث لا ناصحَ ينصحُ؛ ولا زاجرَ يزجر، فلا أبٌ صالحٌ، ولا ابنٌ فالحٌ. . الأبُ يُقْسِمُ قسمةً ضيزى، والابن يأكلُ ما ليس له، ثم هو يقول: قد باء والدي بالذنب! وليت شعري! ليته يعلمُ أن الإثم قد تحّملاه معًا، كالزانيةِ والزاني، ويموت الأبُ الذي لم يعدلْ؛ فلا الابنَ يشكرُ، ولا البنتَ تغفر. . الابن فوق الأرض حيًا يتمرغ في نعمةٍ ليست له، والأب تحت الأرض ميتًا يُحاسَب عليه، والبنت المظلومة بين هذا وذاك، تقول: اللهم العن هذا والعن ذاك، فلعنة الله على الظالمين، أَجمعين، أَكتعين، أَبصعين، أَبتعين، ولوكانوا آباءنا الأولين.

...

بغي وخُبثٌ وإثم:

وينادى المولى تبارك وتعالى على آكلي حقوق الضعيفين (اليتيم والمرأة):

{وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ، وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} (النساء2).

أيها الوصي! أيها الأب! أيها الأخ الأكبر! أيها الورثةُ أجمعون! اعلموا ـ جميعًا ـ أنها أموالهم، وأن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، "وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ"، ثم اعلموا يا من أكلتم حق البنات أنكم أكلتم خبيثًا، وأن آثارَ ما أكلتموه سيظهرُ على أجسامكم بالأمراض العُضال، وبالأسقام العُجاب؛ وسيظهر في حياتكم بالسنين العِجاف، وبالخراب والدمار والمصائب واليباب، "وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ"، ومع ذلك لا زال الله تعالى يناديكم: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}، فهو فليس مالكُم، {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً}، وإثمًا فظيعًا.

...

وعيدٌ شديد:

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} النساء10

ألا تسمعُ هذا الوعيدَ الشديد، ألا تعلمُ هذا العقابَ الرهيب، ألا تأرقُ مضجعك هذه الآيةُ العظيمةُ يا آكَل مالَ اليتيمِ واليتيمة، ألا تُفزعك هذه الآيةُ الرعيبةُ يا من أخرت إنفاذَ حقِ أختِك في ميراثها، وتحايلت على حقوق الضعفاء من إخوانك وأخواتك، وإذا نصحك الناصحُ وقال لك اعطِ أختَك حقَها: قلتَ ـ وقولك الزور ـ: (إن البنات لا يرثن أرضًا)، ألا فتعلمْ أن البنتَ ترثُ مما ورثتَ أنت، و {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} النساء11

وإذا قيل لك لماذا منعتَها حقَها، وقلتَ ـ وقولك الباطل ـ: " لماذا أُعطيها وهي في عنقٍ رجلٍ غني "، ألا فلتعلمَ أنها ترثُ من أبيها ولو كانت متزوجةً من وزيرٍ يَحْثُو الْمَالَ حَثْيًا لا يَعُدُّهُ عَدَدًا!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير