تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جنايات على العلم والمنهج .. (13) الخروج عن الحذاء ..]

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 06 - 09, 09:06 م]ـ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ...

فحديثي اليوم عن ظاهرة قديمة جديدة،تخبو وتشتعل، تخفت وتستعلي، تنحصر وتستشري.وعلى كثرة من أتاها من أهل العلم يهدمُ قواعدها = إلا أنها تبقى ذبالات منها في نفوس قوم ربما جهلوا أنها فيهم ولربما ذموا أهلها وهم منهم ولكن لا يشعرون.

رسم رسام لوحة ضخمة معجبة كثيرة التفاصيل،وكان من ضمن تلك التفاصيل الكثيرة (حذاء)،وانتظر الرسام رأي النقاد وخبراء الفن في لوحته.فكان ممن دخل مرسمه ورأى لوحته = إسكافٍ (صانع أحذية)،فتكلم هذا الإسكافي أول ما تكلم عن الحذاء فانتقده وانتقد طريقة رسمه،ثم عدا إلى باقي اللوحة ينتقدها ويُبرز ما يراه من أخطاءها فلما رأى ذلك أحدُ النقاد مال على الإسكافي وهمس في أذنه قائلاً: فلتبق في الحذاء.

نعم. وآفة كثير ممن يتصدى لنقد الفرق والطوائف والرجال والكتب أنهم يخرجون عن الحذاء، ولو بقوا فيه لكان خيراً لهم.

وللخروج عن الحذاء صور كثيرة جداً لكني أكتفي منها الآن بصورة واحدة كرامة لها؛إذ هي حركتني لكتابة هذا المقال وكنتُ كتمته في نفسي إرادة مني لإمضاء قرار إيقاف سلسلة: ((جنايات على العلم والمنهج .. )) قليلاً ...

تلك الصورة هي ما تراه اليوم من بعض المتصدين للنقد أن كان أولُ أمرهم التصدي لنقد الزائغين بيقين من أهل الكتاب أو الليبراليين أو العلمانيين أو أصحاب الإسلاميات المعدلة وفق النسق الغربي.

ثم بدا لهؤلاء النقاد أن يتصدوا لنقد وتصحيح ما يقع داخل طوائف العمل الإسلامي ممن هو من أهل السنة والجماعة في الجملة.

وللأسف الشديد كان هذا منهم خروجاً عن الحذاء!!

فغالب أولئك النقاد لا يسمح لهم محصولهم الشرعي بأن يتصدوا لهذا الباب الخطير .. وغالبهم قضى ردحاً من زمانه في الرد على من تخالف أخطاءه ثوابت الدين فكان من أثر هذا:

أولاً: أن اكتسب لسانهم لغة شديدة ولكنة فكرية زائدة تُناسب عقول المردود عليهم أولئك وتناسب ألسنتهم وطرحهم ودرجة خطأهم ومقدار بعدهم عن الحق= ولكنها أبداً لا تُناسب المخالفين من أهل السنة.

ثانياً: أن اكتسبت نفوسهم حالة من الصلابة الزائدة في الرأي وهذه الصلابة قد تُناسب الرد على من يُخالف في الثوابت لكنها لا تُناسب أبداً من يخالفك إما فيما ليس قطعياً وإما في تحقيق مناط القطعية.

ثالثاً: اكتسب بحثهم العلمي سطحية ظاهرة فقلة محصولهم الشرعي لم تكن لتنكشف في مقام الرد على من يُنازع في الثوابت لقلة علم جل أولئك العلمانيين ومن جاورهم بالشرعيات = فلما انتقل أولئك النقاد لبحث تصرفات المجتهدين من أهل السنة مع ما في هذه البحوث من دقة فغالبها من مضايق الاجتهاد ومدارك المصالح = ظهر الضعفُ العلمي جلياً، وبانت السطحية فصيحة.

رابعاً: اكتسبت نفوسهم ولعاً شديداً بالبحث في الأغراض الخفية والدوافع المخفية والتداعيات السياسية ونظريات المؤامرة،لغلبة هذه الأمور على أحوال الليبراليين ونحوهم. أما عندما ينتقل البحث للدعاة وأهل العلم من أهل السنة = يُصبح استعمال هذه الأساليب هجنة لصاحبه وسقطة في موازين البحث.

فكان خروج أولئك النقاد عن الحذاء وبالاً عليهم وجناية على العلم والمنهج ..

1 - إذ تعاملوا مع المخالفين من أهل السنة بكثير من المفردات والسياسات والتراكيب التي كانوا يستعملونها مع الليبراليين بقصد وغير قصد.

2 - في ردهم على الليبراليين كانوا يذمون من يذمه الله ورسوله ويغضبون على من يغضب عليه الله ورسوله،فلما خرجوا عن الحذاء ودخلوا في نقد الدعاة وأهل العلم صحبهم نفس النفس وأبعاضاً منه بقصد وغير قصد،فنسوا أو تناسوا أن الغالب والمحكم في أخطاء أهل العلم من أهل السنة أنهم لا يُذمون عليها ولا يغضب الله عليهم لأجلها بل هم في الغالب معذورون وربما مأجورون، ولكن أولئك النقود اختلطت في نفوسهم المعاني لما قل علمهم وغلب عليهم طبع ردودهم القديم فصاروا يغضبون ويذمون على من لا يغضب الله عليه ولا يذمه

بصيرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير