قال شيخ الإسلام: ((وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة إذا كان كل منهم يعتقد أن الحق معه وأنه على السنة فإن أكثرهم قد صار لهم في ذلك هوى أن ينتصر جاههم أو رياستهم وما نسب إليهم لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله بل يغضبون على من خالفهم وإن كان مجتهدا معذورا لا يغضب الله عليه ويرضون عمن يوافقهم وإن كان جاهلا سيىء القصد ليس له علم ولا حسن قصد فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله ويذموا من لم يذمه الله ورسوله وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله وهذا حال الكفار الذين لا يطلبون إلا أهواءهم ويقولون هذا صديقنا وهذا عدونا .. لا ينظرون إلى موالاة الله ورسوله ومعاداة الله ورسوله ومن هنا تنشأ الفتن بين الناس قال الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.
فإذا لم يكن الدين كله لله وكانت فتنة وأصل الدين أن يكون الحب لله والبغض لله والموالاة لله والمعاداة لله والعبادة لله واالاستعانة بالله والخوف من الله والرجاء لله والإعطاء لله والمنع لله وهذا إنما يكون بمتابعة رسول الله الذي أمره أمر الله ونهيه نهي الله ومعاداته معاداة الله وطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك ولا يطلبه ولا يرضى لرضا الله ورسوله ولا يغضب لغضب الله ورسوله بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه ويكون مع ذلك معه شبهة دين أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة وهو الحق وهو الدين فإذا قدر أن الذي معه هوالحق المحض دين الإسلام ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه أو فعل ذلك شجاعة وطبعا أو لغرض من الدنيا لم يكن لله ولم يكن مجاهدا في سبيل الله فكيف إذا كان الذي يدعي الحق والسنة هو كنظيره معه حق وباطل وسنة وبدعة ومع خصمه حق وباطل وسنة وبدعة؟؟!!
وهذا حال المختلفين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا وكفر بعضهم بعضا وفسق بعضهم بعضاً)).
قلتُ وقد شهدتُ في أحد المنتديات وقائع عدة تدل على تصديق كلام هذا الإمام الجليل، ترى الرجلَ يرى الرجلَ يبغي ويظلم عالماً أو داعية بصنوف من البغي والظلم لا يرضاها هو على نفسه أو على من يحبه = ولما كان الكلامُ يوافق هوى في نفسه = تراه يثني ويُبرك وجزاك الله خيراً يا أخ فلان.
خلاصة
النقد والنصيحة واجب شرعي لا يرتفع فوقه أحد بدءاً من أئمة أهل السنة وانتهاء بأئمة الكفر والضلالة،ولكن الله جعل لكل شيء قدراً،ومن العقل إنزال الناس منازلهم، ولكل جنس من الناس وجنس من الأخطاء منهج من النقد ولسان في البيان، فلا يُسوى بين من لم يسو بينهم الله،ولا يُتكلم مع المجتهد المعذور بما يتكلم به مع الضال الأثيم، ولا يُخاطب من علم عنه حسن القصد بمثل ما يُخاطب به من علم عنه إرادة الزيغ.
وبعد ذلك وهو موضوع المقال: إن الكلام في أخطاء الدعاة وأهل العلم من أهل السنة يحتاج إلى رتبة علمية أرفع من الكلام في نقد النصرانية والعلمانية والليبرالية، والكلام في مسائل السياسة الشرعية والجهاد يحتاج لرتبة أرفع من هاتين الرتبتين جميعاً،فالعلم والعدل والحلم = مراتب إذ كانوا من الإيمان،وكلما ضاق خطأ الرجل وضاقت المسافة بينه وبين الحق = احتاج للبصر به ونقده إلى من هو أعلم وأعدل وأحلم ممن يتصدى لنقد الأخطاء المنافية للثوابت، فنحن نشكر لكثير من الإخوة المتصدين لنقد النصارى والعلمانيين والليبراليين جهودهم، ولكن قلة قليلة جداً ممن رأيته يتصدى لهذه الأبواب هم الذين يصلح أن يقال عنهم إنهم من أهل العلم القادرين على البحث في نقد ونصح الدعاة والعلماء من أهل السنة، فنشكر للباقين ولمن لم تتوفر فيهم الأهلية ونسأل الله لهم الإعانة على الثغور التي هم عليها ولكنا نهتف بهم رجاء: ابقوا في الحذاء.
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[04 - 06 - 09, 09:26 م]ـ
أحسنت ..... بارك الله فيك
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - 06 - 09, 09:33 م]ـ
مقال رائع جدا؛ بارك الله فيكم شيخنا أبا فهر و أعانكم وسدد قلمكم،،،
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[04 - 06 - 09, 10:36 م]ـ
جزاك الله خيرا يا ابا فهر
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 06 - 09, 12:52 ص]ـ
الإخوة والمشايخ الأفاضل ..
قيس بن سعد
فريد المرادي
أبو حاتم المهاجر
بارك الله فيكم جميعاً .. ونفعنا الله بما نكتب ..
ـ[أبوعبدالله بن محمد بن عبدالله]ــــــــ[05 - 06 - 09, 01:21 ص]ـ
مقالة رائعة كصاحبها تبين واقعا مرا نسال الله تعالى ان يصلح الحال ..
والموضوع مع روعته الا ان به ثلمة ليتها لم تكن فيه .. وعين الناقد بصيرة ..
المتكلم عنهم هم مشكورون في دفاعهم وجهادهم للنصارى والعلمانيين واضرابهم فهل يليق وصفهم انهم في الحذاء
اظن ان التشبيه غير بليغ بالمرة ..
ويتضح بما لو قيل لعالم من علما ء السنة والحديث الاجلاء تكلم مرة في غير فنه فقيل ابق في الحذاء لاستبشع ذلك وانكر انكارا شديدا مع ان مقصوده بيان خطا العالم لا غير، ومقصوده ابق في تخصصك لا غير
ارجو ان اكون استطعت ايضاح فكرتي لك مع اعجابي بمقالكم عن المعنى المذكور لولا هذه البقعة السوداء
¥