تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ الشَّافِعِيّ: " أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ اِبْن عَجْلَان عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْ الْجُرُف، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمِرْبَدِ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهه وَيَدَيْهِ وَصَلَّى الْعَصْر "، وَذَكَر بَقِيَّة الْخَبَر كَمَا عَلَّقَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَظْهَر لِي سَبَب حَذْفه مِنْهُ ذِكْر التَّيَمُّم مَعَ أَنَّهُ مَقْصُود الْبَاب. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ نَافِع مُخْتَصَرًا، لَكِنْ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهه وَيَدَيْهِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ نَافِع مَرْفُوعًا لَكِنَّ إِسْنَاده ضَعِيف. وَالْجُرُف بِضَمِّ الْجِيم وَالرَّاء بَعْدهَا فَاءٌ مَوْضِع ظَاهِر الْمَدِينَة كَانُوا يُعَسْكِرُونَ بِهِ إِذَا أَرَادُوا الْغَزْو. وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق: هُوَ عَلَى فَرْسَخ مِنْ الْمَدِينَة، وَالْمِرْبَد بِكَسْرِ الْمِيم وَسُكُون الرَّاء بَعْدهَا مُوَحَّدَة مَفْتُوحَة، وَحَكَى اِبْن التِّين أَنَّهُ رُوِيَ بِفَتْحِ أَوَّله، وَهُوَ مِنْ الْمَدِينَة عَلَى مِيل. وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَرَى جَوَاز التَّيَمُّم لِلْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ مِثْل هَذَا لَا يُسَمَّى سَفَرًا، وَبِهَذَا يُنَاسِب التَّرْجَمَة. وَظَاهِره أَنَّ اِبْن عُمَر لَمْ يُرَاعِ خُرُوج الْوَقْت؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَة وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، لَكِنْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَصِل إِلَّا بَعْد خُرُوج الْوَقْت، وَيُحْتَمَل أَيْضًا أَنَّ اِبْن عُمَر تَيَمَّمَ لَا عَنْ حَدَثٍ بَلْ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأ لِكُلِّ صَلَاة اِسْتِحْبَابًا فَلَعَلَّهُ كَانَ عَلَى وُضُوء فَأَرَادَ الصَّلَاة وَلَمْ يَجِد الْمَاء كَعَادَتِهِ فَاقْتَصَرَ عَلَى التَّيَمُّم بَدَل الْوُضُوء، وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ مُطَابِقًا لِلتَّرْجَمَةِ إِلَّا بِجَامِعِ مَا بَيْنهمَا مِنْ التَّيَمُّم فِي الْحَضَر، وَأَمَّا كَوْنه لَمْ يُعِدْ فَلَا حُجَّة فِيهِ لِمَنْ أَسْقَطَ الْإِعَادَة عَنْ الْمُتَيَمِّم فِي الْحَضَر؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَال لَا تَجِب عَلَيْهِ الْإِعَادَة بِالِاتِّفَاقِ] ا. هـ

و قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 61):

[أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَتَلَوَّمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسُفْيَانُ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَتَيَمَّمُ حَتَّى يَخَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ لَا يَرْجُو أَنْ يُصِيبَ فِيهِ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى مَا كَانَ يُصَلِّي لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: أَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ وَسِعَهُ وَقَدْ ثَبُتَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَرَّسَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ قَرِيبًا مِنْ بَعْضِ الْمِيَاهِ فَاحْتَلَمَ فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أَتَرُونَا نُدْرِكُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَدْرَكَ الْمَاءَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى] ا. هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير