وذهب الشافعي، وأصحابه، وجماعة من علماء السلف -رحمة الله عليهم أجمعين- إلى أنه لا يكفر، مادام معتقداً وجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتد عن الإسلام، وتأولوا الخبر: من ترك الصلاة جاحداً لها كما أخبر سبحانه عن يوسف عليه السلام أنه قال: ?إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ? (يوسف: من الآية37)، ولم يكُ تلبس بكفر ففارقه، ولكن تركه جاحداً له) اهـ. [اعتقاد السلف وأصحاب الحديث (278 - 279) ط. دار العاصمة].
وقال ابن حزم في نقل الخلاف حتى عن الصحابة:
(وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا وإن كل من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال إن أصاب الحق فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي رضي الله عن جميعهم وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة رضي الله عنهم لا نعلم منهم في ذلك خلافا أصلا إلا ما ذكرنا من اختلافهم في تكفير من ترك صلاة متعمدا حتى خرج وقتها أو ترك أداء الزكاة أو ترك الحج أو ترك صيام رمضان أو شرب الخمر واحتج من كفر بالخلاف في الاعتقادات بأشياء نوردها إن شاء الله عز و جل). [الفصل 3/ 138 ط الخانجي].
ونقل شيخ الإسلام عن اسحاق قوله:
(وَقَالَ إسْحَاقُ: مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى الْمَغْرِبِ،وَالْمَغْرِبِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ تَرْكُهَا لَا يَكُونُ كُفْرًا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ - يَعْنِي تَارِكَهَا. وَقَالَ ذَلِكَ - وَأَمَّا إذَا صَلَّى وَقَالَ ذَلِكَ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ قَالَ: وَاتَّبَعَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ عَصْرِنَا هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ إلَّا مَنْ بَايَنَ الْجَمَاعَةَ وَاتَّبَعَ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ فَأُولَئِكَ قَوْمٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ لَمَّا بَايَنُوا الْجَمَاعَةَ) [مجموع الفتاوى 7/ 308 - 309].
وفي سنن الدارمي في باب في تارك الصلاة قال الإمام الدارمي تعليقاً على حديث جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس بين العبد وبين الشرك أو بين الكفر إلا ترك الصلاة»، (قال أبو محمد: العبد إذا تركها من غير عذر وعلة لا بد من أن يقال: به كفر، ولم يصف الكفر).
كما قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: (وان كانت العلماء مختلفة في الإكفار بتركها فإنهم مجمعون على الرواية بإكفار من تركها ثم ما غلظ في تركها وجوب النار، وإيجاب المغفرة والرحمة لمن قام بها). [تعظيم قدر الصلاة (1/ 133) ط. المدينة المنورة].
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[09 - 06 - 09, 03:29 م]ـ
جزاكم الله خير ..
أولا أخي حامد الحجازي .. ردودك فيها شيء من الغلظة والتنفير ... فهون على نفسك ونحن هنا في المتقى طلاب علم والنقاش مفتوح لكن بالتي هي أحسن ...
أقول حسبك هذه الآية العظيمة أرجو أن تجعلها نصب عينينك إلى أن تلقاه
{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)}.
ثانيا ...
الأخ حفظه الله يسأل عن صحة الرواية الثانية عن أحمد ولم يسأل عن حكم تارك الصلاة فالخلاف معروف عند أهل العلم ..
وحسبنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم في كفره؟!! و الأدلة الصريحة في تكفيره ..
والله أعلم
ـ[صلاح الدين حسين]ــــــــ[10 - 06 - 09, 07:25 ص]ـ
يقول الإمام أحمد بن حنبل (ت241) في رسالته إلى مسدد بن مسرهد:
(والإيمان قول وعمل يزيد وينقص، زيادته إذا أحسنت، ونقصانه إذا أسأت، ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، فإن تاب رجع إلى الإيمان، ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله جاحداً لها، فإن تركها تهاونا بهاً وكسلاً كان في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه) [انظر مناقب الإمام أحمد بن حنبل (ص 226) للحافظ ابن الجوزيّ ط. دار هجر المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد (1/ 85) لعبد الرحمن العليمي ط. مطبعة المدني.]
وهذه الرواية صريحة عن الإمام أحمد في أنه لا يكفر إلا بالشرك بالله، ورد الفرائض، وهو الإباء لفعلها، أو جحودها، وأنه لا يكفر بالترك المجرد.
قال شيخ الإسلام على هذه الرسالة: (وأما رسالة أحمد بن حنبل إلي مسدد بن مسرهد فهي مشهورة عند أهل الحديث والسنة من أصحاب أحمد، وغيرهم، تلقوها بالقبول، وقد ذكرها أبو عبد الله بن بطة في كتاب (الإبانة) واعتمد عليها غير واحد كالقاضي أبي يعلى وكتبها بخطه) اهـ. مجموع الفتاوى (5/ 396).
هل أفهم من ذلك أنه قد ثبتت رواية عدم تكفيره تارك الصلاة كفرا أكبر من رسالته إلى مسدد بن مسرهد، وأن هذه الرسالة صحيحة عنه لشهرتها وتلقيها بالقبول؟ وأين سندها؟
¥