تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السِّبْتِيَّة وَيَقُول " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسهَا " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: يُحْمَل نَهْي الرَّجُل الْمَذْكُور عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي نَعْلَيْهِ قَذَر، فَقَدْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ مَا لَمْ يَرَ فِيهِمَا أَذًى.

فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 420)

وَأَمَّا لُبْس النِّعَال السِّبْتِيَّة فَهُوَ الْمَقْصُود بِالذِّكْرِ هُنَا، وَقَوْل اِبْن عُمَر " يَلْبَس النِّعَال الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْر " يُؤَيِّد تَفْسِير مَالِك الْمَذْكُور، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: السِّبْتِيَّة الَّتِي دُبِغَتْ بِالْقَرَظِ وَهِيَ الَّتِي سُبِّتَ مَا عَلَيْهَا مِنْ شَعْر أَيْ حَلْق، قَالَ وَقَدْ يَتَمَسَّك بِهَذَا مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الشَّعْر يَنْجُس بِالْمَوْتِ، وَأَنَّهُ لَا يُؤَثِّر فِيهِ الدِّبَاغ، وَلَا دَلَالَة فِيهِ لِذَلِكَ، وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ اِبْن عُمَر فِي لِبَاس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّعَال السِّبْتِيَّة وَمَحَبَّته لِذَلِكَ عَلَى جَوَاز لُبْسهَا عَلَى كُلّ حَال، وَقَالَ أَحْمَد: يُكْرَه لُبْسهَا فِي الْمَقَابِر لِحَدِيثِ بَشِير بْن الْخَصَاصِيَةِ قَالَ: " بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي فِي الْمَقَابِر عَلَيَّ نَعْلَانِ إِذَا رَجُل يُنَادِي مِنْ خَلْفِي: يَا صَاحِب السِّبْتِيَّتَيْنِ إِذَا كُنْت فِي هَذَا الْمَوْضِع فَاخْلَعْ نَعْلَيْك " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم وَاحْتُجَّ بِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون الْأَمْر بِخَلْعِهِمَا لِأَذًى فِيهِمَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيث أَنَّ الْمَيِّت يَسْمَع قَرْع نِعَالهمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ، وَهُوَ دَالّ عَلَى جَوَاز لُبْس النِّعَال فِي الْمَقَابِر، قَالَ وَثَبَتَ حَدِيث أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَازَ دُخُول الْمَسْجِد بِالنَّعْلِ فَالْمَقْبَرَة أَوْلَى. قُلْت: وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون النَّهْي لِإِكْرَامِ الْمَيِّت كَمَا وَرَدَ النَّهْي عَنْ الْجُلُوس عَلَى الْقَبْر، وَلَيْسَ ذِكْر السِّبْتِيَّتَيْنِ لِلتَّخْصِيصِ بَلْ اِتَّفَقَ ذَلِكَ وَالنَّهْي إِنَّمَا هُوَ لِلْمَشْيِ عَلَى الْقُبُور بِالنِّعَالِ.

عون المعبود - (ج 7 / ص 216)

(يَا صَاحِب السِّبْتِيَّتَيْنِ إِلَخْ)

: وَهُمَا نَعْلَانِ لَا شَعْر عَلَيْهِمَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَالَ الْأَصْمَعِيّ: السِّبْتِيَّة مِنْ النِّعَال مَا كَانَ مَدْبُوغًا بِالْقَرَظِ.

قُلْت: السِّبْتِيَّتَيْنِ بِكَسْرِ السِّين نِسْبَة إِلَى السِّبْت وَهُوَ جُلُود الْبَقَر الْمَدْبُوغَة بِالْقَرَظِ يُتَّخَذ مِنْهَا النِّعَال لِأَنَّهُ سُبِتَ شَعْرهَا أَيْ حُلِقَ وَأُزِيلَ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا اِنْسَبَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ لَانَتْ، وَأُرِيدَ بِهِمَا النَّعْلَانِ الْمُتَّخَذَانِ مِنْ السِّبْت وَأَمْره بِالْخَلْعِ اِحْتِرَامًا لِلْمَقَابِرِ عَنْ الْمَشْي بَيْنهَا بِهِمَا أَوْ لِقَذَرٍ بِهِمَا أَوْ لِاخْتِيَالِهِ فِي مَشْيه. قِيلَ: وَفِي الْحَدِيث كَرَاهَة الْمَشْي بِالنِّعَالِ بَيْن الْقُبُور، وَلَا يَتِمّ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى بَعْض الْوُجُوه الْمَذْكُورَة قَالَهُ السِّنْدِيُّ.

وَفِي النَّيْل: وَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنَّعْلَيْنِ وَلَا يَخْتَصّ عَدَم الْجَوَاز بِكَوْنِ النَّعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ لِعَدَمِ الْفَارِق بَيْنهَا وَبَيْن غَيْرهَا وَقَالَ اِبْن حَزْم: يَجُوز وَطْء الْقُبُور بِالنِّعَالِ الَّتِي لَيْسَتْ سِبْتِيَّة لِحَدِيثِ " إِنَّ الْمَيِّت يَسْمَع خَفْق نِعَالهمْ " وَخَصَّ الْمَنْع بِالسِّبْتِيَّةِ وَجَعَلَ هَذَا جَمْعًا بَيْن الْحَدِيثَيْنِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير