تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[[وسائل الإعلام الحديثة .. السينما: نشأتها وحقيقتها وأثرها]]

ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 06 - 09, 10:56 ص]ـ

الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل

الحمد لله الخلاق العليم؛ خلق الإنسان ففضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وجعله عاقلا سميعا بصيرا [وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ] {المؤمنون:78} نحمده على إحسانه ونعمه، ونشكره على آلائه ومننه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له؛ فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، لا خير إلا دلنا عليه، ولا شر إلا حذرنا منه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ آمنوا بالله ورسوله [وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] {الأعراف:157} والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ] {البقرة:123}.

أيها الناس: لما خلق الله تعالى البشر، وابتلاهم بالإيمان والكفر، وبالطاعة والمعصية؛ فإنه سبحانه دلهم على ما يرضيه، وحذرهم مما يسخطه، ورزقهم أدوات العلم والإدراك، ومعرفة الخير من الشر، وتمييز النفع من الضر، وهي الأسماع والأبصار والعقول [وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {النحل:78}.

ومن حكمته تعالى أنه جعل الشيطان وجنده فتنة لهم، يصدونهم عن الهداية، ويزينون لهم الغواية [قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ] {ص:82 - 83} والغواية تكون بالقول ومحل ذلك اللسان والسمع، وتكون بالفعل ومحل ذلك البصر والجوارح، والقلب يَفْسُد بغواية البصر والسمع؛ ولذا أُمر المؤمن بحفظ سمعه وبصره عما حرم الله تعالى ليسلم له قلبه [إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا] {الإسراء:36} ويوم القيامة تشهد الأسماع والأبصار على أهل المعاصي بما كانوا يسمعون ويبصرون [حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {فصِّلت:20}.

وأمر الله تعالى بغض الأبصار لأنها طريق إلى الفروج وتحريكها للرجال وللنساء، فجمع بينهما [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ] {النور:30} وفي الآية الأخرى [وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ] {النور:31} وفي حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كُتِبَ على بن آدَمَ نَصِيبُهُ من الزِّنَا مُدْرِكٌ ذلك لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذلك الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ» رواه الشيخان واللفظ لمسلم.

وخطورة السمع والبصر على العباد كبيرة، وعلاقتهما بالزنا وثيقة؛ لأن الزنا له مقدمات يقوم بها السمع والبصر واللسان ويهيئ الناس له، ولأجل ذلك كان من الدعاء المأثور التعوذ بالله تعالى من شر هذه الجوارح، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ قال: فَأَخَذَ بِكَتِفِي فقال: قُلْ اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من شَرِّ سَمْعِي وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي، يَعْنِي: فَرْجَهُ» رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب.

وقيل للإمام أحمد رحمه الله تعالى: «رجل تاب وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية غير أنه لا يدع النظر قال: أي توبة هذه؟!» وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «فالنظر داعية إلى فساد القلب، قال بعض السلف: النظر سَهْمٌ سُمٌ إلى القلب»

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير