تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولن يكون حالنا إن أُقرت السينما عندنا إلا كحال من سبقونا .. فلنأخذ العبرة منهم، ولنستمع لأقاويل عقلائهم حين كشفوا اللثام عنها، وأثبتوا أن كبار المفسدين من اليهود والرأسماليين هم من يديرونها لتحقيق مآربهم في الفساد والإفساد، وأن منافستهم عليها أو مزاحمتهم فيها ضرب من الخيال، والسلامة لا يعدلها شيء، ورحم الله من اتعظ بغيره، والمخذول من لا يتعظ بالمواعظ، ولا يعتبر بمن كانوا قبله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم [وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا] {النساء:27}

بارك الله لي ولكم في القرآن ...

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ] {البقرة:281}

أيها المسلمون: فتك السينما بالأخلاق عظيم، وصياغتها للعقول والأفكار لا ينكره إلا مكابر، وقد كان الزعيم الشيوعي لينين يخاف من تأثير السينما الليبرالية على الشعوب الشيوعية، ويخشى أن تتحول عن الاشتراكية بسببها، وكان يقول: «تسيطر على الفن السينمائي حتى هذه الساعة أيدي تجارية قذرة، وتقدم للمشاهدين أفلاما سيئة أكثر مما هي مفيدة، ففي الكثير من الأحيان يُفْسِد الفن السينمائي المشاهدين بأفلام سيئة المضمون». وهذا ما دعا كاتبا روسيا مرموقا أن يؤلف كتابه: الفن السنيمائي وصراع الأفكار.

أيخاف الشيوعيون على فكرهم الإلحادي البائد، من الغزو الليبرالي الفاسد، فينتقدون السينما، ويحذرون منها، ولا يخاف أهل الإسلام على عقول أبنائهم وبناتهم وهم يرون ما فعلت السينما بأكثر بلاد المسلمين؟! إن هذا لشيء عجاب!!

إن تأثير السينما على المعتقدات والأخلاق، وصياغتها للعقول والسلوك والأفكار لا ينفيه صانعوها والمروجون لها والمالكون لأكبر إنتاجها، بل يثبتون ذلك، وكذب من زعم من بني قومنا أنها لمجرد الترفيه والتسلية، وأن من يحاربونها يَتهمون غيرهم على غير هدى، فهذا المخترع المشهور توماس أديسون وهو ممن طوروا آليات السينما يقول: «من يسيطر على السينما يسيطر على أقوى وسيلة للتأثير في الشعب .. »

ويقول أحد المؤرخين للفنون الأمريكية: «إن السينما سواء أحببنا أم لم نحب هي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء والأذواق واللغة والزي والسلوك بل حتى المظهر البدني ... » حتى قيل: السينما أفيون الشعوب، ويقول مفكر أمريكي آخر: «ليست وظيفة السينما أن تزودنا بمعرفةٍ للعالم فحسب وإنما تخلق أيضا القيم التي نعيش بها»

إن زعم بعض الناس أن السينما قد ولجت البيوت عن طريق البث الفضائي، ولا فرق بينها وبين صالات السينما ينم عن ضعف في تصور السينما وصناعتها، ويدل على جهل بخطط من يروجون لها، ولو كانا سويا لقضي بالفضائيات على صالات السينما، ولما بقيت بعد اختراع شبكات التلفزة، ومن يدعون أنهما سواء لماذا إذن يطالبون بها؟ ويستميتون في فرضها؟ ولماذا لا يكتفون بالفضائيات عنها؟

إن من طبيعة المفسدين التي ألفناها منهم أنهم يعرضون فسادهم خطوة خطوة، ولن يتوقفوا عند حدِّ إنشاء صالات العرض السنيمائي وعرض الأفلام فيها، وإنما سيطالبون بتوطين السينما كما حصل في مصر في بدايات القرن الماضي، وتوطينُها يستلزم تخريج جيش من أبناء البلد وبناته ليكونوا ممثلين ومخرجين ومنتجين ومصورين وغير ذلك، وهذا الجيش العرمرم لا يمكن تخريجه إلا بإنشاء أكاديميات ومعاهد متخصصة في السينما، وبعثات طلابية للجنسين تدرس السينما في الخارج، ثم ستكون الحاجة ملحة لإنشاء مدن سينمائية، واستوديوهات للتصوير وغير ذلك مما يكلف أموالا طائلة في سبيل الشيطان، والسلسلة لن تنتهي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير