تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يجوز لأحد أن يتناول من ريع ذلك الوقف شيئا إلا إذا قام بذلك الشرط على مقتضى شرط الواقف فإن استناب عنه غيره في هذه الحالة دائما في غير أوقات الأعذار لا يستحق واحد منهما شيئا من ريع ذلك الوقف أما النائب فلأنه من شرط استحقاقه صحة ولايته وصحة ولايته مشروطة بأن تكون ممن له النظر وهذا المستنيب ليس له نظر إنما هو إمام أو مؤذن أو مؤذن أو مدرس فلا تصح النيابة الصادرة عنه وأما المستنيب فلا يستحق شيئا أيضا بسبب أنه لم يقم بشرط الواقف فإن استناب في أيام الأعذار جاز له أن يتناول ريع الوقف وأن يطلق لنائبه ما أحب من ذلك الريع.

وإن كان المطلق له أرزاقا على وظيفة من تدريس أو غيره من الإمامة أو الأذان أو الحكم بين الناس أو الحسبة ولم يقم بتلك الوظيفة لا يجوز له أن يتناول ذلك القدر لأن الإمام إنما أطلقه له من بيت المال على وظيفة ولم يقم بها واستباحة أموال بيت المال بغير إذن الإمام لا يجوز وأخذ هذا المطلق بغير هذا الشرط لم يأذن فيه الإمام فلا يجوز له أخذه وللإمام أن يطلقه له بعد اطلاعه على عدم قيامه بالوظيفة لمصلحة أخرى غير تلك الوظيفة فيستحقه بالإطلاق الثاني لا بالتقدير الأول ولو كان وقفا ولم يقم بشرطه لم يجز للإمام إطلاقه لمن لم يقم بشرط الواقف في استحقاقه فهذا أيضا يميز لك الأرزاق من باب الأوقاف والإجارات ويجوز في المدارس الأرزاق والوقف والإجارة ولا يجوز في إمامة الصلاة الإجارة على المشهور من مذهب مالك رحمه الله ويجوز الأرزاق والوقف وكثير من الفقهاء يغلظ في هذه المسألة فيقول إنما يجوز تناول الرزق على الإمامة بناء على القول بجواز الإجارة على الإمامة في الصلاة ويتورع عن تناول الرزق بناء على الخلاف في جواز الإجارة وليس الأمر كما ظنه بل الأرزاق مجمع على جوازها لأنها إحسان ومعروف وإعانة لا إجارة وإنما وقع الخلاف في الإجارة لأنه عقد مكايسة ومغابنة فهو من باب المعاوضات التي لا يجوز أن يحصل العوضان فيها لشخص واحد فإن المعاوضة إنما شرعت لينتفع كل واحد من المتعاوضين بما بذل له وأجرا الصلاة له فلو أخذ العوض عنها لاجتمع له العوضان والأرزاق ليس بمعاوضة

ألبتة لجوازه في أضيق المواضع المانعة من المعاوضة وهو القضاء والحكم بين الناس فلا ورع حينئذ في تناول الرزق والأرزاق على الإمامة من هذا الوجه وإنما يقع الورع من جهة قيامه بالوظيفة خاصة فإن الأرزاق لا يجوز تناولها إلا لمن قام بذلك الوجه الذي صرح به الإمام في إطلاقه لتلك الأرزاق

المسألة الثالثة الإقطاعات التي تجعل للأمراء والأجناد من الأراضي الخراجية وغيرها من الرباع والعقار وهي أرزاق من بيت المال وليست إجارة لهم ولذلك لا يشترط فيها مقدار من العمل ولا أجل تنتهي إليه الإجارة وليس الإقطاع مقدرا كل شهر بكذا وكل سنة بكذا حتى تكون إجارة بل هو إعانة على الإطلاق نعم لا يجوز تناوله إلا بما قاله الإمام من الشرط من التهيؤ للحرب ولقاء الأعداء والمناضلة على الدين ونصرة كلمة الإسلام والمسلمين والاستعداد بالخيل والسلاح والأعوان على ذلك.

ومن لم يفعل ما شرطه عليه الإمام من ذلك لم يجز له التناول لأن مال بيت المال لا يستحق إلا بإطلاق الإمام على ذلك الوجه الذي أطلقه وهو لو أطلق له من بيت المال فوق ما يستحقه على تلك الوظيفة إما غلطا من الإمام وإما جورا منه فإن ذلك الزائد لا يستحقه المطلق له بل يبقى في يده أمانة شرعية يجب ردها لبيت المال وللإمام بعد ذلك أن ينزعه منه ولمن ظفر به ممن له في بيت المال حق أن يتناوله بإذن الإمام إن كان عدلا أو بغير إذنه إن كان جائرا ولو كان إجارة لم يزل ملك الأول لأن الإجارة تنعقد بأجرة المثل وبأكثر منها وإذا عقدت بأكثر منها استحقها المعقود له ولا يجوز للإمام انتزاع الزائد على أجرة المثل إذا كان الحال والاجتهاد اقتضى ذلك ولا يجوز لأحد ممن له حق في بيت المال أن يتناول ذلك الزائد من الأجرة لكونه مستحقا بعقد الإجارة لمن عقد له وكأن يشترط فيها

الأجل ومقدار المنفعة ونوعها على قواعد الإجارة فهذا أيضا يوضح لك الفرق بين الأرزاق والإجارات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير