تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجنة إلا مؤمن، فكان علي ينادي فإذا أعيا قام أبو بكر فنادى بها، فهذه نيابة من أبي بكر عن علي فإنه قصد بالبعث علي، وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال: (بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، فهذه نيابة من أبي هريرة أيضاً، والمقصود بالتبليغ في هذه القصة أن تكون من علي.

فصل: هذا كله في وقف سكت واقفه عن ذكر الاستنابة إباحة ومنعاً، وكان الواقف حراً مالكاً لما وقفه إما وقف صرح واقفه بتجويز الاستنابة أو بمنعها فإنه يتبع شرطه لا محالة، وأما وقف لم يملكه واقفه وذلك كالذي وقفه أمير المؤمنين أو السلطان من بيت المال فإن ذلك حكمه حكم الأرصاد لا حكم الأوقاف التي ملكها واقفوها فلا يتقيد بما شرطه الواقف فيها لأنه مال بيت المال أرصد لمصالح المسلمين، فإذا قرر فيه بعض من له استحقاق في بيت المال جاز له أن يأكل منه، وإن لم يقم بذلك الشرط ولو لم يكن بصفة الاستحقاق من بيت المال لم يجز له أن يأكل منه ولو باشر تلك الوظيفة، وبهذا صرح المتأخرون أصحابنا فقال الزركشي في شرح المنهاج في باب الإجارة: ظن بعضهم أن الجامكية عن الإمامة والطلب ونحوهما من باب الإجارة حتى لا يستحق شيئاً إذا أخل ببعض الصلوات أو الأيام وليس كذلك بل هو من باب الأرصاد والأرزاق المبني على الإحسان والمسامحة، بخلاف الإجارة فإنها من باب المعارضة ولهذا يمتنع أخذ الأجرة على القضاء ويجوز إرزاقه من بيت المال بالإجماع انتهى.

وقال الدميري في شرح المنهاج في باب الجعالة: سألت شيخنا يعني الأسنوي مرتين عن غيبة الطالب عن الدرس هل يستحق المعلوم أو يعطى بقسط ما حضر؟ فقال: إن كان الطالب في حال انقطاعه يشتغل بالعلم استحق وإلا فلا، ولو حضر ولم يكن بصدد الاشتغال لم يستحق لأن المقصود نفعه بالعلم لا مجرد حضوره وكان يذهب إلى أن ذلك من باب الارصاد انتهى.

ومن صور ذلك ما يشتري من أراضي بيت المال بالحيلة من غير بذل ثمن معتبر فحكمه حكم ما وقفه السلطان من أراضي بيت المال، وقد أراد برقوق في سنة نيف وثمانين وسبعمائة إبطال جميع الأوقاف وردها إلى بيت المال بهذه الحجة وعقد لذلك مجلساً حضره علماء عصره فقال الشيخ سراج الدين البلقيني: أما ما وقف على خديجة وعويشة فنعم، وأما ما وقف على المدارس والعلماء وطلبة العلم فلا سبيل إليه لأن لهم في الخمس أكثر من ذلك، وإنما يأكلون من هذه الأوقاف بسبب استحقاقهم من بيت المال، ومن صور ذلك ما اشترى بعقد صحيح وبذل فيه الثمن المعتبر ولكن كان مشتريه من الأتراك الذين أصلهم عبيد بيت المال وأعتقهم السلطان مجاناً فإن عتقهم في هذه الصورة غير صحيح فكل ما في أيديهم ملك لبيت المال فتجري أوقافهم على هذا الحكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير