تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الخلال في كتاب (الوقوف والترجل) (ص129): ((أخبرني حرب قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟ قال: إن ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة، وكأنه ذهب إليه، قلت ما الإعفاء: قال: يروى عن النبي صبى الله عليه وسلم، قال: كأن هذا عنده الإعفاء)) أ. هـ

و قال المرداوي في (الإنصاف) (1/ 121): ((ويعفي لحيته ... ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة، ونصه -يعني أحمد- لا بأس بأخذ ذلك وأخذ ما تحت الحلق ... )) أ. هـ

وقال ابن بطال في شرح البخاري (9/ 147): ((قال عطاء: لا بأس أن يأخذ من لحيته الشيء القليل من طولها وعرضها إذا كثرت))

وقال الحافظ ابن عبد البر في (الاستذكار) (4/ 317): ((وفي أخذ ابن عمر من آخر لحيته في الحج دليل على جواز الأخذ من اللحية في غير الحج لأنه لو كان غير جائز ما جاز في الحج ... وابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وأعفوا اللحى) وهو أعلم بمعنى ما روى، فكان المعنى عنده وعند جمهور العلماء الأخذ من اللحية ما تطاير والله أعلم))

وقال شيخ الإسلام في (شرح العمدة) (1/ 236): ((وأما إعفاء اللحية فإنه يترك، ولو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره، نص عليه كما تقدم عن ابن عمر، وكذلك أخذ ما تطاير منها)) أ. هـ

وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (10/ 36): ((قلت: الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه)) ا. هـ

وفي حاشية ابن عابدين (2/ 459): ((لا بأس بأخذ أطراف اللحية إذا طالت)) أ. هـ

وقال الغزالي في (الإحياء) (1/ 143): ((وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة وقالا: تركها عافية أحب لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعفوا اللحى)) والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب)) أ. هـ

وقال العراقي في (طرح التثريب) (2/ 49): (إعفاء اللحية، وهو توفير شعرها وتكثيره وأنه لا يأخذ منه كالشارب، من عفا الشيء إذا كثر وزاد ... واستدل به الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها وأن لا يقطع منها شيء))

وقال ابن الهمام في (فتح القدير) (2/ 270): ((يحمل الإعفاء على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم ... فيقع بذلك الجمع بين الروايات)) أ. هـ

وأقوال أهل العلم في جواز الأخذ مما زاد على القبضة كثيرة جداً، ولم يأت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين فيما أعلم تحريم ذلك.

واستحسن بعض العلماء قص ما زاد على القبضة وقالوا بالاستحباب والسنية وهذا بعيد، فقد جاء في (البحر الرائق) (3/ 12): ((قال أصحابنا: الإعفاء تركها حتى تكث وتكثر , والقص سنة فيها، وهو أن يقبض الرجل لحيته, فما زاد منها على قبضة قطعها، كذلك ذكر محمد في كتاب (الآثار) عن أبي حنيفة قال: وبه نأخذ)) أ. هـ

وقال القرطبي في (المفهم) (1/ 512): ((ولا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها , فأما أخذ ما تطاير منها وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا فحسن عند مالك وغيره من السلف)) أ. هـ

وقال القاضي عياض في (إكمال المعلم) (2/ 36): ((وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن)) ا. هـ

ومن العلماء من ذهب إلى المنع من الأخذ مطلقا:

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (10/ 350): ((قال الطبري: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها))

وقال النووي في (المجموع) (1/ 290): ((والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت، للحديث الصحيح (وأعفوا اللحى)) أ. هـ

وقال في شرحه لصحيح مسلم (3/ 151): ((والمختار ترك اللحية على حالها , وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً))

وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز في (مجموع الفتاوى) (4/ 443): ((الواجب إعفاء اللحية وتوفيرها وإرخاؤها وعدم التعرض لها بشيء))

وقال الشيخ ابن عثيمين في (فتاوى على الدرب) (10/ 173) ((الواجب إبقاء اللحية كما هي ولا يتعرض لها بقص ولا بحلق))

وقال في (مجموع الفتاوى) (11/ 85): ((أما ما سمعتم من بعض الناس أنه يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم فيما زاد على القبضة، وقالوا: إنه يجوز أخذ ما زاد على القبضة استناداً إلى ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما زاد أخذه. ولكن الأولى الأخذ بما دل عليه العموم في الأحاديث السابقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن حالاً من حال)) أ. هـ

وقال بعض العلماء بوجوب أخذ ما زاد على القبضة وليس معهم دليل.

وخلاصة ما سبق:

1.أن حلق اللحية حرام بالإجماع.

2. أن الأخذ منها وقصها بما يخل بتوفيرها وكثرتها حرامٌ أيضاً لمخالفته الأمر بالإعفاء والإرخاء والتوفير الوارد في الأحاديث وضابط ذلك ما زاد على القبضة.

3.أن المعاصي تتفاوت، فالحلق أعظم من أخذ شيء منها.

4.أن الأخذ من اللحية بما لا يخرجها عن كونها كثة وكثيفة وهو ما زاد على القبضة مما اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً.

5.أن حاصل كلام القائلين بجواز الأخذ منها هو الأخذ مما زاد على القبضة ولا أعلم أحداً يقول بجواز الأخذ دون ذلك.

6. أن سبب اختلافهم كما سبق بيانه هو معنى الإعفاء واختلافهم في تقديم إحدى القاعدتين على الأخرى، قاعدة: (العبرة برواية الراوي لا برأيه) وقاعدة: (الراوي أدرى بما روى).

7.أن الأولى والأحوط خروجاً من الخلاف تركها دون أخذِ شيء منها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

أمَّا مسألة الإنكار، فمن حلقها أو أخذ منها وقصَّرها وخففها فانكر عليه لأنه فعل منكراً لكنه منكرٌ دون منكر والمعاصي تتفاوت كما تقدم، أما من وفَّرها وكثَّرها وأرخاها ولو أخذ مما زاد على القبضة فلا تنكر عليه لأنها من مسائل الاجتهاد ولا إنكار في مسائل الاجتهاد ولم ينكر الصحابة رضي الله عنهم على من فعل ذلك كابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما.

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير