وما قام به الأستاذ من طرح يوحي بأنه مهتم فقط بإخراج المشاهد من الحلقة مشوشا، شاكا في هذا الباب من أصله وهذا أقرب إلى الأسلوب الهدمي أو التشويشي، وذلك عندما حرص في طرحه على نقل تعريفات مجملة دون ربطها بالأمثلة ولا بتطبيقات العلماء لها، لا الأمثلة المتفق عليها أو الصحيحة التي تنسجم مع التعريفات كما هو المنهج السوي ولا الأمثلة حتى المختلف فيها!!
و لاخلاف أنه بالمثال يتضح المقال، فأين التوضيح؟
وخاصة في موضوع دقيق وعلمي كهذا ولدقته فانظر ما جاء في فتاوى الأزهر عن مفهوم البدعة:
" إن تحديد المفاهيم عنصر هام من عناصر البحث فى أي موضوع، وبدونه تختلف الأحكام وتتضارب الأقوال، ويحدث التفرق.
وتحديد مفهوم البدعة التى هى ضلالة فى النار فيه صعوبة.
.... فإن موضوع البدعة دقيق، وفيه كلام طويل " ا. هـ
وضرب الأمثلة من أهم ما يبين المفاهيم، والأستاذ من أحوج الدعاة لذلك بسبب مستوى المشاهدين لحلقته التي هي مخصصة في الأصل لعامة الشباب ولا تختص بالمثقفين منهم
فأين الأمثلة على البدعة المذمومة عندك يا أستاذ؟ أين الصور المعنية في التعريفات التي نقلتها؟
لماذا لم تذكر مثالا واحدا طول حلقتك يصح وصفه بأنه بدعة مما تنطبق عليه النصوص الشرعية في وصف البدعة ولو بالمعنى الذي تنادي به؟
لماذا؟
وإنما اكتفى الأستاذ بعرض بعض الأمثلة لما ليس ببدعة عنده وبطرف من الأقوال التي لا تمثل التطبيق المذكور، فهي تنفي البدعية ولا تفيد في تصوير البدعة المعنية، وتتعلق بموقف بعضهم في جزئيات حصل في بعضها خلاف، وتُمثّل عند قائليها الجانب الخارج عن التعريف لا المعنِيّ والمراد بالتعريف، وهو من باب ما لا ينقض الوضوء، كما يُشبّه شيخُ الاسلام أمثالَ هذا الأسلوب، فمن أراد بيان نواقض الوضوء لا يقول في بيانها مثلا: شرب اللبن لا ينقضه وشرب العصير كذلك والسعال لا ينقضه والعطاس لا ينقضه والقفز لا ينقضه ... إلى ما لا يحصى من الأمور التي هي من قبيل السلب وإنما الإيضاح يكون بذكر الإيجاب، النوم ناقض والبول ناقض ...
هكذا تُشرح المسائل، فحضرة الاستاد شغل المشاهدين بما ليس بدعة في نظره هو، بناء على ضوء اطلاعه الانتقائي.
أما ما كان بدعة فلم يهتم به ولو من النافذة التي تناسب مذهبه بحيث أشغل وقت البرنامج وهو ساعة كاملة تقريبا بما يظن أنه ليس بدعة
فمما لا يليق بالأستاذ الخوض في الموضوع دون هدف نزيه يجلب للمستمع الطمأنينة بضبط المسألة وإحكامها
فهو هداه الله لا ضبط التعريف، ولا مثّل ولا بيّن نوع الأمثلة التي يسوغ فيها الخلاف والتي لا يسوغ والذي من شأنه أن يزيل اللبس والإشكال على المشاهد
ثم أضاف لهذا أنه بما خلص إليه من الحلقتين جعل المشاهد الكريم في حيرة عندما أوهمه أن هذا خلاف بين العلماء معروف حتى أنه صوّر من يقول الشيء الفلاني بدعة فهو من الفريق التبديعي ومن كان يقول ليس ببدعة فهو من الفريق الذي يتوسع في تجويز البدع ثم ترك المشاهد عند هذه النقطة
لم يبين حقيقة الخلاف ولا الصورة الواضحة لهذا الخلاف فضلا عن بيان وضبط مسائل الاجتهاد السائغة من غيرها
ولا يدري أن هؤلاء الذين يشاهدونه عندما يسمعون من الفريق الآخر احتجاجهم بنفس العلماء الذين احتج بهم الأستاذ سيتوهون إن كان كلام الأستاذ علق بأذهانهم.
فهو هداه الله لم يبال في طريقته ما الذي سيؤول إليه تفكيرهم؟ و أيضا عندما يسمعون من العالم الواحد عن أمر يقول عنه بدعة ثم يقول عن أمر آخر ليس ببدعة كيف سيكيفون قوله؟
طبعا الأستاذ بسياسته في الحلقتين تركهم في موطن ليس لهم معه إلا التيه وهذا من أبرز المآخذ على أستاذنا أصلحه الله
طبعا أنا أُرْجِع هذا الطرح المشتت من الأستاذ إلى عدة أسباب منها أن تجنب هذا التشتيت لا يخدم هدف الأستاذ من الحلقتين بل يصب في مصلحة القول الآخر الذي انبرى الأستاذ لنقده وتتفيهه
وحتى يكون طرحي مفيدا وصادقا وعلميا أكثر من كونه ناقدا أوضح الجانب العلمي للطرح الواضح بما يدل على ما وراء ذلك التشتيت من إخفاء لحقيقة المسألة وذلك بما يلي:
عند النظر في المسائل التي حكم عليها علماؤنا بموجب هذا الباب من بدعية أو عدمها نلحظ أنها تكاد تنحصر في الآتي:
1ـ أفعال اتفق السلف والخلف من العلماء على بدعيتها:
¥