ولم يخطئ العز في التمثيل إلا عندما جعل المصافحة بعد الصبح والعصر من البدع المباحة مع أنه قرر بأنها من البدع المذمومة في فتاواه كما نقلت آنفا عندما جعلها بدعة مخالفة للسنة وحث على تركها
وإليك أقواله وتطبيقاته التي ولى لها الأستاذ ظهره مع إشادته العظيمة بشخص العز، ومن بينها مسألة مسح الوجه بعد الدعاء والمصافحة بعد الصلوات والدعاء بعدها من الإمام والتي كاد الأستاذ أن يكفر مخالفيه بها فكذب وشتم كعادته في الحلقة
يقول العز في كتاب "الفتاوى" له (ص392):
" ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد؛ ولا يستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل، ولم تصح الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص " اهـ.
وسبق نقل كلامه عن المصافحة والدعاء أدبار الصلوات
قارن هذه التطبيقات بما يلصقه الأستاذ للعز من تسويغ للعمل بالنصوص العامة مطلقا ما لم تخالف أصول الشرع.
فالعز وإن كان قد أخطأ في هذا الباب كما نبه العلماء على هذا لكنه لا يقول بهذا الاطلاق الذي يلصقه الأستاذ به ظلما، وكلامه هذا وما سيأتي ناطق بنفسه على هذا
وفي "فتاواه" أعني العز بن عبد السلام (ص289) قال:
" ومن فعل طاعة لله تعالى، ثم أهدى ثوابها إلى حي؛ أو ميت لم ينتقل ثوابها إليه إذ ((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم: 39] فإن شرع في الطاعة ناوياً أن يقع عن ميت لم يقع عنه إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة: والصوم، والحج " انتهى
وقال العز ابن عبد السلام في الفتاوى الموصلية:
" ذِكر الصحابة والخلفاء والسلاطين بدعة غير محبوبة "
يعني في الخطب على المنابر مداومة
وفي كتاب أسنى المطالب للشافعية:
" قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ التَّرَضِّي عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي زَمَانِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مَحْبُوبَةٍ "
وفي أسنى المطالب:
" قَالَ [العز] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَامُ لِلْمُصْحَفِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
وتأمل قوله: " بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
فهذا المعنى قد أنكره الأستاذ بشدة وسفه القائل به مرارا في تلك الحلقة والله المستعان
وفيه أيضا:
(وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ بِالْأَنْعَامِ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا) لِاعْتِقَادِ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ إنَّهُ بِدْعَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ وَصَوَّرَهَا فِي التِّبْيَانِ "
وفي حاشية البجيرمي وهو من كتب الشافعية قال عن تلقين الميت في قبره:
" وَفِي كَلَامِ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ:
لَمْ يَثْبُتْ فِي التَّلْقِينِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ بَلْ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ، وَلِهَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ إلَى أَنَّ التَّلْقِينَ بِدْعَةٌ وَآخِرُ مَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ " ا. هـ
أيضا تأمل قوله: " ولهذا ذهب جمهور ... " لأجل عدم ثبوت حديث وهذا المعنى هو ما أنكره الأستاذ مرارا
وقال العز أيضا:
" وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، فَيَجْعَلُهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ، وَيَجْعَلُهُ آخَرُونَ مِنْ السُّنَنِ الْمَفْعُولَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ كَالِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْبَسْمَلَةِ " ا. هـ
يعني حال الجهر بها
وحكمه على هذا المثال بالخلافي يبين لك البون الشاسع بينه وبين ما ينادي به الأستاذ من إغلاق باب الحكم بالبدعة على ما أصله من العبادات ويصف الاشتغال به بالصخرة التي ينبغي أن تزال
وتأمل المسائل التي ذكرها العز والتي يروج لها الأستاذ وينكر على من يرى ببدعيتها كما صريح قاعدته وصريح ما نادى به من تطبيق مماثل ثم يستدل بالعز في إنكارها
وهذا غاية في انعدام الأمانة
¥