[إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد -رضي الله عنهما-]
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[18 - 04 - 02, 07:33 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن عمرو بن العاص من الصحابة الأجلاء -رضي الله عنهم- الذين توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض، ومن الذين صحت لهم الفضائل والمناقب العديدة.
وقد وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاح وبالإيمان، وكانت له الجهود العظيمة في حروب الردة وفي الفتوحات الإسلامية وكان من كبار القواد في عهدي عمر وعثمان -رضي الله عنهما-.
وهو فاتح مصر وغيرها من الأماكن.
وقد وردت قصة عجيبة في إسلامه اشتملت على فضيلة له وللنجاشي واشتملت على تاريخ إسلامه وإسلام خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.
وأحببت في هذا البحث أن أخرج القصة وأبين ثبوتها.
ومن اللطائف أن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- هو الصحابي الذي أسلم على يد تابعي.
فالنجاشي -رضي الله عنه- تابعي لأنه لم يلق النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره.
والله أسأل التوفيق والسداد.
## لفظ القصة ##
عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: ((لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون رأيي، ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله اني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكراً، وإني قد رأيت أمراً فما ترون فيه؟
قالوا: وما الذي رأيت؟
قلت: رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير.
قالوا: إن هذا الرأي.
فقلت لهم: فاجمعوا له ما نهدي له، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأُدُم، فجمعنا له أدماً كثيراً، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه.
قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده.
قال: فقلت لأصحابي: هذا هو عمرو بن أمية، فلو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربتُ عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد.
قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحباً بصديقي، أهديت إلي من بلادك شيئاً؟
قال: قلت: نعم أيها الملك، قد أهديت لك أُدُماً كثيراً.
قال: ثم قدمته إليه، فأعجبه واشتهاه.
ثم قلت: أيها الملك، إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطنيه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وأعزتنا.
قال: فغضب، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها خوفا منه.
ثم قلت له: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه.
فقال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟!
قال: قلت: أيها الملك، أكذاك هو؟
قال: ويحك يا عمرو، أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده.
قال: قلت: أتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم. فبسط يده، فبايعته على الإسلام.
ثم خرجت على أصحابي، وقد حال رأيي عما كان عليه، فكتمت أصحابي إسلامي.
ثم خرجت عامداً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلامي، فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟
قال: والله لقد استقام المنسم، وان الرجل لنبي، أذهب والله أُسْلِمُ فحتى متى؟
قال: قلت: فأنا والله ما جئت إلا للإسلام.
قال: فقدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبابع، ثم دنوت، فقلت: يا رسول الله، إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر.
قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عمرو، بايع، فان الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)). قال: فبايعت، ثم انصرفت.
## تخريج القصة ##
للقصة عدة طرق المعتمد منها ما رواه أحمد في مسنده (4/ 198)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 311) مختصراً، وابن جرير الطبري في تاريخه (2/ 146)، والطبراني في المعجم الكبير-كما في المجمع (9/ 351) -، وفي الأحاديث الطوال (ص/212)،
¥