تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَام أَبُو مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام أَنَّ الْبِدَع عَلَى خَمْسَة أَقْسَام: وَاجِبَة وَمُحَرَّمَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمُسْتَحَبَّةٌ وَمُبَاحَةٌ، قَالَ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ الصُّبْح وَالْعَصْر اِنْتَهَى.

وَرَدَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْقَارِي فِي شَرْح الْمِشْكَاةِ فَقَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَام الْإِمَام نَوْعُ تَنَاقُضٍ ...

فَإِنَّ مَحَلّ الْمُصَافَحَة الْمَشْرُوعَة أَوَّل الْمُلَاقَاة وَقَدْ يَكُون جَمَاعَة يَتَلَاقَوْنَ مِنْ غَيْر مُصَافَحَة وَيَتَصَاحَبُونَ بِالْكَلَامِ وَمُذَاكَرَةِ ُثمَّ إِذَا صَلَّوْا يَتَصَافَحُونَ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ السُّنَّة الْمَشْرُوعَةِ، وَلِهَذَا صَرَّحَ بَعْض عُلَمَائِنَا بِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مِنْ الْبِدَع الْمَذْمُومَة اِنْتَهَى كَلَامه.

قُلْت: وَاَلَّذِي قَالَهُ عَلِيٌّ الْقَارِي هُوَ الْحَقّ وَالصَّوَاب، وَقَوْل النَّوَوِيّ خَطَأ. وَتَقْسِيم الْبِدَع إِلَى خَمْسَة أَقْسَام كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَام اِبْن عَبْد السَّلَام وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِمَام النَّوَوِيّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءُ الْمُحَقِّقِينَ وَمِنْ آخِرِهِمْ شَيْخُنَا الْقَاضِي الْعَلَّامَة بَشِير الدِّين الْقِنَّوْجِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فَإِنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ رَدًّا بَالِغًا.

قُلْت: وَكَذَا الْمُصَافَحَة وَالْمُعَانَقَة بَعْد صَلَاة الْعِيدَيْنِ مِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار

" وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الْحَصْرُ.

وَمَا أَصْرَحَهُ وَأَدَلَّهُ عَلَى إبْطَالِ مَا فَعَلَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ تَقْسِيمِ الْبِدَعِ إلَى أَقْسَامٍ وَتَخْصِيصِ الرَّدِّ بِبَعْضِهَا بِلَا مُخَصِّصٍ مِنْ عَقْلٍ وَلَا نَقْلٍ فَعَلَيْك إذَا سَمِعْت مَنْ يَقُولُ هَذِهِ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ بِالْقِيَامِ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ مُسْنِدًا لَهُ بِهَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَمَا يُشَابِهُهَا مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ} طَالِبًا لِدَلِيلِ تَخْصِيصِ تِلْكَ الْبِدْعَةِ الَّتِي وَقَعَ النِّزَاعُ فِي شَأْنِهَا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهَا بِدْعَةٌ، فَإِنْ جَاءَك بِهِ قَبِلْته، وَإِنْ كَاعَ كُنْت قَدْ أَلْقَمْته حَجَرًا وَاسْتَرَحْت مِنْ الْمُجَادَلَةِ.

وَمِنْ مَوَاطِنِ الِاسْتِدْلَالِ لِهَذَا الْحَدِيثِ كُلُّ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَك وَبَيْنَ خَصْمِك عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالَفَك فِي اقْتِضَائِهِ الْبُطْلَانَ أَوْ الْفَسَادَ ا. هـ

وقال الإمام الصنعاني رحمه الله: ليس في البدعة ما يمدح بل كل بدعة ضلالة. اهـ.

كما في كتاب سبل السلام له

وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن التقسيم:

" هذا التقسيم في غاية المناقضة لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة وفي رواية النسائي: " وكل ضلالة في النار " وروى أصحاب السنن عن العرباض بن سارية، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضُّو عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ".

وكلام العلماء في رد هذا التقسيم كثير حتى قال الغماري وهو على شرط الأستاذ:

"زلةٌ قبيحةٌ، حيث جعلوا البدعة مندوبة ... "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير