فكل هذه عدوها بدعا كأمثلة للتعريف وهي مسؤول عنها بعينها في السؤال.
واستثنوا الأذان بين يدي الخطيب فجوزوه من دون الأمثلة السابقة
مع أن في بعض الفتاوى لهم ما يخالف هذا التطبيق وكأنه لاختلاف المجيب لأن الجواب ليس جماعيا
وسيأتي ملخص يوضح ما اشتملت عليه هذه التعريفات.
وقال الإمام الهمام جبل هذا العلم الشاطبي رحمه الله وقد أخرت تعريفه لما احتواه من بسط حيث قال:
" ومن هذا المعنى [يعني اللغوي] سميت البدعة [يعني الشرعية] بدعة فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع وهيئتها هي البدعة وقد يسمى العلم المعمول على ذلك الوجه بدعة فمن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة وهو إطلاق أخص منه في اللغة حسبما يذكر بحول الله ...
ثم قال:
فأفعال العباد وأقوالهم لا تعدو هذه الأقسام الثلاثة:
ـ مطلوب فعله
ـ ومطلوب تركه
ـ ومأذون في فعله وتركه
والمطلوب تركه لم يطلب تركه إلا لكونه مخالفا للقسمين الأخيرين لكنه على ضربين:
أحدهما: أن يطلب تركه وينهى عنه لكونه مخالفة خاصة مع مجرد النظر عن غير ذلك، وهو إن كان محرما سمي فعلا معصية وإثما وسمي فاعله عاصيا وآثما، وإلا لم يسم بذلك ودخل في حكم العفو حسبما هو مبين في غير هذا الموضع ولا يسمى بحسب الفعل جائزا ولا مباحا لأن الجمع بين الجواز والنهي جمع بين متنافيين
والثاني: أن يطلب تركه وينهى عنه لكونه مخالفة لظاهر التشريع من جهة ضرب الحدود وتعيين الكيفيات والتزام الهيئات المعينة أو الأزمنة المعينة مع الدوام ونحو ذلك، وهذا هو الابتداع والبدعة ويسمى فاعله مبتدعا.
فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة وإنما يخصها بالعبادات
وأما على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول: البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية " ا. هـ
والأول هو تعريف البدعة الشرعية، أما هذا الثاني الذي يشمل العادات فهو تعريف شامل للبدعة اللغوية المتصل فعلها بالشرع
ثم قال شارحا:
" وقوله في الحد تضاهي الشرعية يعني أنها تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون في الحقيقة كذلك بل هي مضادة لها من أوجه متعددة
منها: وضع الحدود كالناذر للصيام قائما لا يقعد ضاحيا لا يستظل والاختصاص في الانقطاع للعبادة والاقتصار من المأكل والملبس على صنف دون صنف من غير علة ..
ومنها: التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه و سلم عيدا وما أشبه ذلك
ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة كالتزام صيام يرم النصف من شعبان وقيام ليلته
وثم أوجه تضاهي بها البدعة الأمور المشروعة فلو كانت لا تضاهي الأمور المشروعة لم تكن بدعة ـ لأنها تصير من باب الأفعال العادية
وأيضا فإن صاحب البدعة إنما يخترعها ليضاهي بها السنة " ا. هـ
إلى أن قال:
" وفي الحد أيضا معنى آخر مما ينظر فيه وهو أن البدعة من حيث قيل فيها: أنها طريقة في الدين مخترعة ـ إلى آخره ـ يدخل في عموم لفظها البدعة التركية كما يدخل فيه البدعة غير التركية " ا. هـ
حتى قال القرافي وهو ممن تأثر بتقسيم العز:
" فَالْبِدْعَةُ إذَا عَرَضَتْ تُعْرَضُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَأَدِلَّتِهَا فَأَيُّ شَيْءٍ تَنَاوَلَهَا مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْقَوَاعِدِ أُلْحِقَتْ بِهِ مِنْ إيجَابٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ نَظَرَ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَتَقَاضَاهَا كُرِهَتْ فَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ فِي الِاتِّبَاعِ، وَالشَّرَّ كُلَّهُ فِي الِابْتِدَاعِ " ا. هـ
قال الحافظ في الفتح عن حديث الذي ذبح أضحيته قبل صلاة العيد:
" قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: وفيه أنَّ العملَ وإن وافق نية حسنة لَم يصح إلاَّ إذا وقع على وفق الشرع " ا. هـ
نجد مما تقدم أنه قد اجتمع في تعريف البدعة الآتي:
1ـ كل فعل أو قول لم يدل عليه مستند من حديث أو آية أو أثر صحابي.
¥