وهذه أخي الكريم جملة من التطبيقات للسلف الصالح أظنها كافية لمريد الحق وغيرها كثير تركتها خشية الإطالة وإن كنت قد أطلت فأعتذر على ذلك
وأعتذر أيضا على هذا الترتيب الذي لم يكن دقيقا فعسى في فرصة لاحقة أفعل ذلك لعسره الآن بالنسبة لظرفي والله الموفق للهدى والصواب.
وفي الختام أنبه إلى ما نبه إليه العلماء من أن فتح باب الإحداث بالتسويغ لكل أحد أن يخصص من عنده أوقاتا أو أمكنة أو كيفيات بالعبادات المشروعة في أصلها يؤدي مستقبلا إلى تبديل الشريعة ومحوها وهذا يهدد أعظم مقصد من مقاصد الشرع ألا وهو حفظ الدين.
وهذا مما أغفله الأستاذ وما أكثر ما أغفله، مع ما في هذا من إبراز لحقيقة خطر هذا الأمر
ـ وأيضا لابد من التنبيه إلى أن الحالة النفسية كما تقود المرأة المتبرجة للتشكيك في أخواتها المتحجبات لما تعكسه المتحجبات من ظاهرة حية محسوسة تؤرق تلك المقصرة وتجدد في نفسها ـ باستمرار ـ الشعورَ بالتقصير.
وكما تقود تلك الحالة النفسية المتهاونَ والمقصّرَ للتشكيك فيمن ظاهرهم الإستقامة وهو كثير وملحوظ لنفس السبب وذاته.
فكذلك نفس السبب يحضر ليبين تلك الحالة التي تخيم على مروجي البدع والمتلطخين بها فتدفعهم لمحاربة النزهاء من البدع والأبرياء من كبيرها وصغيرها، والمعتصمين بالسنة والسنة فقط
فهذا هو سبب النفرة والتنفير الذي جعله الأستاذ مهمة يحملها على عاتقه، وممن؟
ممن لا يقبل بديلا عن السنة، ولا يحيد عنها قيد أنملة، ويعضّ عليها بالنواجذ كما أوصاه نبيه الحبيب
فسبحان الله بدل أن يُكَرّم هؤلاء على ما هم عليه من حرص يُنفّر منهم ويُهانوا ويُسَبوا ويُشتموا من قبل الأستاذ، والأعجب أنه باسم الدين!! وباسم محاربة الخلاف!! وباسم التقريب!!
هذا وهو يريد التقريب ورفْع الخلاف ولا أدري ماذا سيفعل إذا أراد أن يحاربهم ويمحوهم؟!
ـ وأخيرا أنبه إلى أن هؤلاء ينادون بتسويغ مخالفة ما كان عليه النبي ص وصحابته بينما لا يقبلون بهذا فيما سنوه هم للناس!!
وهذا أمر بيّن لا يخفى تجدهم ينكرون على الناس تركهم هذه المحدثات إنكارا شديدا مبالغا فيه وأمثلته كثيرة في القديم والحديث ومنه ما نقله الشاطبي رحمه الله وهذا في السبعمائة هجري أو قبلها حيث قال:
" فحكى القاضي أبو الخطاب بن خليل حكاية عن أبي عبد الله بن مجاهد العابد:
أن رجلا من عظماء الدولة وأهل الوجاهة فيها ـ وكان موصوفا بشدة السطو وبسط اليد ـ نزل في جوار ابن مجاهد وصلى في مسجده الذي كان يؤم فيه وكان [ابن مجاهد] لا يدعو في أخريات الصلوات تصميما في ذلك على المذهب (يعني مذهب مالك) لأنه مكروه في مذهبه وكان ابن مجاهد محافظا عليه
فكره ذلك الرجل منه ترك الدعاء وأمره أن يدعو فأبى وبقي على عادته في تركه في أعقاب الصلوات فلما كان في بعض الليالي صلى ذلك الرجل العتمة في المسجد فلما انقضت وخرج ذلك الرجل إلى داره قال لمن حضره من أهل المسجد: قد قلنا لهذا الرجل يدعو إثر الصلوات فأبى فإذا كان في غدوة غد أضرب رقبته بهذا السيف وأشار في يده فخافوا على ابن مجاهد من قوله لما علموا منه فرجعت الجماعة بجملتها إلى دار ابن مجاهد فخرج إليهم وقال: ما شأنكم؟ فقال لهم: والله لقد خفنا من هذا الرجل وقد اشتد الآن غضبه عليك في تركك الدعاء فقال لهم: لا أخرج عن عادتي ... " ا. هـ
فانظر إلى هذا العداء من أجل الدعاء الجماعي بعد الصلوات وهو محدث مخترع لم يفعله لا رسول الله ولا صحابته بل أنكره جملة من الأئمة كما سبق
ومما هو واقع الآن أن الذكر الجماعي والدعاء بعد كل صلاة وبعض الأوراد التي يمارسها الناس في المساجد مع أنها محدثة فإن من كان له نوع سلطة من هؤلاء في مسجده لا يقبل ترك هذه الأمور حتى أن كثيرا منهم يفرض من منطلق مكانته في المسجد منع التقدم للإمامة إلا من يحافظ على هذه المحدثات!!
حتى أن وزارة الأوقاف بقيادة علماء الصوفية في بعض البلاد العربية قننت في شروط الإمامة الدعاء بعد كل صلاة!
فهؤلاء لا يرضون بمخالفة سنتهم التي سنوها من عند أنفسهم أو من عند شيوخهم!
ثم هم لايقبلون من يقف نفس الموقف ممن يترك سنة النبي فالعجب من الإجحاف والبغي وإلى الله وحده المشتكى من هذه القسمة الجائرة.
¥