تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه النصوص تحمل في طياتها فكر المدرسة العقلانية، الذي يعد امتداداً لمذهب القدرية القائلين بأن الإنسان يستطيع أن يخلق فعله، وأن كل أمر يمكن أن يكتسب بالجد والاجتهاد، بعيداً عن مشيئة الله، أو ما يسمى بحتمية تحقيق النجاح، متى ما عرف الإنسان وصفة النجاح.

وحتى تتضح حقيقة هذه الفلسفة عملياً، إليكم هذه القصة التي يرويها أحد المبهورين بالنظريات الغربية المادية:

(يحكى أن فقيراً أصبح غنياً فجأةً، وحين سئل عن سر ذلك أجاب أن هناك شرطين لهذا الأمر، يستطيع كل من يطبقها أن يصبح غنياً، الأول: أني قررت أن أصبح غنياً، الثاني: شرعت في تنفيذ هذا القرار)، بعد ذلك تأتي الطامة الكبرى عندما علق ذلك المحاضر على هذه القصة فقال: (مو ودّي، مو ياريت، مو إن شاء الله أنا قررت .. ).

نسأل الله السلامة والعافية، وإنا لله وإنا إليه راجعون. لقد عاتب الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، حينما قال لكفار قريش وهو يحاورهم: إني فاعل ذلك غداً، ولم يستثن، فكانت النتيجة انقطاع الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن، ثم نزل الوحي بعد ذلك معاتباً رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً، إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً).

قال العلامة ابن سعدي – رحمه الله – في تفسيره: (هذا النهي كغيره، وإن كان لسبب خاص وموجهاً للرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الخطاب عام للمكلفين، فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة: إني فاعل ذلك، من دون أن يقرنه بمشيئة الله، وذلك لما فيه من المحذور، وهو: الكلام على الغيوب المستقبلة، التي لا يدري، هل يفعلها أم لا؟ وهل تكون أم لا؟ وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالاً، وذلك محذور محظور، لأن المشيئة كلها لله (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ولما في ذكر مشيئة الله من تيسير الأمر وتسهيله، وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد بربه ... ). [تفسير سورة الكهف الآية 24،23].

إن الهندسة النفسية تتجاهل الركن السادس من أركان الإيمان وهو: الإيمان بالقدر خيره وشره، لأنها قد أعدت لنا وصفة النجاح، أو حتمية النجاح، وبذلك تكون قد كفتنا كل الشرور، وكل الإخفاقات، وكل أنواع الفشل.

إن الفكر المادي المهيمن على الهندسة النفسية تكمن خطورته في أنه يسوق المسلم مع الوقت إلى التعلق بالأسباب المادية وتعطيل التوكل على الله، وهذا باب خطير من أبواب الشرك ينبغي الحذر منه.

ولما كان الحديث لا يزال موصولاً عن البرمجة اللغوية العصبية فأقول: إن ما يسمى بالعقل الباطن يعد من ركائز هذه الفلسفة، ولنقرأ عن ذلك ما كتبه أحد سدنة البرمجة اللغوية وهو: انتوني روبنز، في كتابه قدرات غير محدودة: (كنت أعيش في منزل أنيق ... ولكني كنت أريد مكاناً أفضل ... قررت أن أضع تصميماً ليومي، ثم أعطي إشارة لعقلي الباطن لأخلق لنفسي هذه الحياة المثالية عن طريق ممارستها في خيالي ... لم يكن لدي أي أموال، ولكني قررت أنني أريد أن أكون مستقلاً من الناحية المادية.

وبالفعل حصلت على كل شيء كما رسمته في مخيلتي ... لقد هيأت لنفسي الجو الذي يغذي عقلي وقدرتي على الخلق والابتكار ... لماذا حدث كل هذا؟ لقد حددت هدفاً لنفسي، وكل يوم كنت أعطي عقلي رسائل واضحة ودقيقة ومباشرة تقول: إن هذا هو واقعي الذي أعيش فيه، ولأنني لدي الهدف الواضح المحدد، فإن عقلي الباطن قاد أفعالي وأفكاري إلى تحقيق الأهداف التي كنت أبغيها).

إن انتوني روبنز يقول لنا ببساطة: إذا أردنا الثروة والنجاح فعلينا الانطراح بين يدي العقل الباطن والتضرع إليه كما فعل هو، نسأل الله السلامة والعافية.

أما د. جوزيف ميرفي، فيذكر في مقدمة كتابه قوة عقلك الباطن: (تستطيع هذه القوة المعجزة الفاعلة للعقل الباطن أن تشفيك من المرض وتعطيك الحيوية والقوة من جديد).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير