نرى أن ابن حزم يُسقط الحديث لوليد بن جميع، والحال: أن وليد من رجال البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود، وصحيح ترمذي، وسنن نسائي، والحال: أن كثيراً من كتب الرجال صرحوا بوثاقة! وليد بن جميع.
انتهى
والرد على ذلك من وجوه:
1. " الوليد بن جُميع " ليس من رجال البخاري؛ إذ لم يرو له في الصحيح حديثاً واحداً، بل روى له خارجه، ومثله لا يقال عنه " من رجال البخاري ".
2. أخطأ ابن حزم رحمه الله في وصف الوليد بالهلاك، وأعدل الأقوال فيه أنه " صدوق يهم " كما وصفه به الحافظ ابن حجر في التقريب.
وفي " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (9/ 8):
عن الإمام أحمد وأبي زرعة أنهما قال فيه: " ليس به بأس "، وأن يحيى بن معين وثقه، وقال أبو حاتم الرازي: " صالح الحديث ".
3. لا يُعرف في الدنيا إسناد فيه ذِكر أولئك الصحابة الأجلاء أنهم اشتركوا في محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وابن حزم يضعف ذلك الراوي أصلاً، قبل هذا الحديث، والمفهوم من كلامه رحمه الله أن وضع أسماء أولئك الصحابة كان مقحماً في إسناد الوليد الأصلي للحديث، وأنه لا دخل له به، ومما قاله ابن حزم رحمه الله في هذا الصدد: " ولا نراه يَعلم مَن وضع الحديث "، فالحديث بذكر أولئك الصحابة مكذوب قطعاً على الوليد بن جُمَيع رحمه الله، ومن هنا كان لا بدَّ من تبيه المسلمين على ما حذفه ذلك الرافضي من كلام ابن حزم رحمه الله، فإنه قال بعدها مباشرة:
" وهذا هو الكذب الموضوع، الذي يَلعن الله تعالى واضعَه، فسقط التعلق به، والحمد لله رب العالمين ".
" المحلى " (11/ 224).
فانظر كيف دلَّس، ولبَّس، في نقله عن ابن حزم رحمه الله، وهذا الدعاء الذي دعا به ابن حزم رحمه الله لا يمكن إلا أن يصيب رافضيّاً؛ لأنهم هم الذين يكذبون مثل هذه الأكاذيب، ويركبونها على أسانيد صحيحة، مشهورة.
4. ولو أننا جعلنا ذِكر أسماء المنافقين الذين ذكرهم الزبير بن بكار، والواردة أسماؤهم في رواية البيهقي في " دلائل النبوة " من الضعيف غير المقبول: فإننا نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم استأمن حذيفة رضي الله عنه على أسمائهم، وهو أمين سر النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتمه، فمِن أين عرفوا أسماء أولئك الملثمين من المنافقين الذين هموا بقتله صلى الله عليه وسلم؟! وللإجابة على هذا السؤال كذب الرافضة فزعموا أن حذيفة رضي الله عنه أخبر بأسمائهم! فانظر إليهم كيف جعلوا حذيفة خائناً للسر، وليس المهم عندهم إلا تحقيق مأربهم من الطعن في أجلاء الصحابة رضي الله عنهم، ولا يهمهم الثمن الذي يبذلونه من أجل ذلك.
قال ذلك الرافضي المجوسي في مقاله:
" وفي زمن حكم عثمان بن عفان صرَّح حذيفة بن اليمان رضوان الله عليه بأسماء الذين حاولوا قتل النبي في العقبة، وكان منها أسماء أبو بكر، وعمر، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص، وأبا موسى الاشعري، وأبو سفيان بن حرب، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف.
المصدر: " المحلى " لابن حزم الأندلسي ج 11 ص 225، و" منتخب التواريخ " ص 63 ".
انتهى كلامه بما فيه من أخطاء نحوية وركاكة.
والرد على هذا من وجوه مختصرة:
أ. أنتم بذلك جعلتم حذيفة رضي الله خائناً لسر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن كان كذلك فهو حري أن لا يُقبل كلامه! وقد ائتمنه النبي صلى الله عليه وسلم عموماً بكتم أسماء المنافقين، وتحديداً أسماء هؤلاء، فكيف تترضون عنه مع خيانته للأمانة؟! وأما نحن فننزه حذيفة رضي الله عنه عن خيانة الأمانة، ونجزم بأنه لم يفعل ما تفترونه عليه.
ب. أين الرواية التي فيها إخبار حذيفة بأسماء من نوى قتل النبي صلى الله عليه وسلم؟! وما هو إسنادها؟.
ج. ما ذكروه هنا يؤكد ما قلناه من براءة " الوليد بن جمَيع " من الكذب، وذِكر أسماء أولئك الأجلاء من الصحابة، فروايته للحديث كانت خالية من الأسماء، والرافضة قد نسبوا الإخبار بتلك الأسماء لحذيفة رضي الله عنه! فليس توثيق الوليد يعني قبول الرواية التي فيها أسماء أولئك الصحابة – كما سبق ذِكره – فهو ليس موجوداً في إسنادها، بل الرواية نفسها ليست موجودة أصلاً!.
¥