[هل يعتني بالدليل؟؟!!]
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[25 - 06 - 09, 06:50 م]ـ
أخبرَني أحد الشيوخ الفضلاء قال:
كنّا يوماً جلوساً في مكتب شيخِنا العلاّمة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في (دار الإفتاء) إذ دخل علينا شيخ فاضل من كبار العلماء وهو يحمل مخطوطةً في الفقه، فسلّم على الشيخ ودفعَ إليه الكتاب وهو يقول: (يا شيخ! هذه مخطوطة عُثِرَ عليها مؤخّراً لكتاب ... ) ـ قال محدّثي ـ: وقد نسيت الآن اسم الكتاب إلا أنّني لم أنسَ أنه من كتب الفقه المتأخّرة.
قال محدّثي: فما كان من الشيخ ابن باز رحمه الله إلا أن قال: (هل يعتني بالدليل)؟؟
لم يكن الشيخ حريصا على أن يعرف ما نوع الخطّ؟؟ ولا ثبوت نسبة الكتاب للمؤلّف .. ولا هل يوجد نسَخٌ أخرى للكتاب؟؟ (وذلك كلّه وإن كان مهمّا لدى المعتنين بالكتب وتحقيقها إلا أن الشيخ رحمه الله بادر بالسؤال عن الأهمّ في هذا الباب) ..
ولم تكن تلك الحادثة بِدْعاً من منهج الشيخ وطريقته ونظرته إلى مكوّنات التحصيل وأصول النظر وقواعد التفقّه .. كلاّ .. بل كان ذلك منهجا للشيخ استقاه من منبعٍ صافٍ يتدفّق من معين (تعظيم النصوص) و (الردّ إلى الوحيين) .. وتلك طريقة ينبغي سلوكها ومنهج يجب اتّباعه ..
(تعظيم النص) و (العناية بالدليل) عِنوانانِ بارزان في منهجية الشيخ كما هي طريقة السلَف الصالح وأهل القرون المفضّلة ومن سار على نهجهم .. مع حِفظ مقامات الأئمة وتقدير أقوال الفقهاء المعتبَرين والمصنّفين في سائر العلوم الشرعية ممن لم يعرَف بتعمّد مخالفة الحق والجنوح إلى الهوى ..
رحِم الله الشيخ ابنَ باز فقد كان واحداً من المجدّدين لما اندرس من معالم الدين ..
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[26 - 06 - 09, 03:29 م]ـ
ومما رأيته للشيخ رحمه الله وقد سُئِلَ هذا السؤال:
ما هي أفضل كتب الفقه التي يمكن الاعتماد عليها؟
فأجاب الشيخ رحمه الله تعالى في جوابٍ صوتي (من فتاوى "نور على الدرب "):
(كتب الفقه كثيرة، ولكن من أحسنها المغني لابن قدامة، الموفق ابن قدامة عبد الله بن أحمد بن قدامة كتاب جيد مفيد يذكر فيه الخلاف والأدلة، وشرح المهذب للنووي وتتمته، الفروع لابن مفلح في المذهب الحنبلي، والإقناع والمنتهى في المذهب الحنبلي، والروض المربع في المذهب الحنبلي وحاشيته، له حاشية جيدة للشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله، وفي كتب أخرى لمذاهب أخرى مدونة للإمام مالك رحمه الله، وفتح القدير في المذهب الحنفي، كل هذه كتب مفيدة، لكن ينبغي للمؤمن أن يعتني بالدليل ويحرص على الكتب التي فيها الدليل، ... الراجح من الخلاف وإذا كان طالب علم لا يستطيع أن يفهم هذه الأمور يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ويحفظ الكتب المختصرة مثل عمدة الحديث، بلوغ المرام، حتى يستعين بذلك على معرفة الدليل، ومتن الدليل للحنابلة، أو متن الدليل، أو العمدة أو العمدة للموفق في الفقه، أو ما أشبهها من الكتب المختصرة من المذاهب الأخرى حتى يستعين بها على معرفة المسائل الفقهية ومراجعة أدلتها).
http://www.binbaz.org.sa/mat/10713
تنبيه:وقع في تفريغ الجواب ـ في موقع الشيخ ـأخطاء وتصحيفات ـ بسبب عدم وضوح الصوت ـ وقد عدّلتها أعلاه ..
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[12 - 07 - 09, 06:23 م]ـ
ومن لطائف هذا الباب أنني سمعت الشيخ رحمه الله تعالى يُسأل في أحد دروس الفجر ـ يا سَقى الله تلك الأيّام ـ عن المفاضلة بين أهل الرأي وأهل الظاهر فكان جوابه أن قدّم مذهب الظاهرية وكان معيار التفضيل: الدليل .. فلم أجسُر على نقل ذلك عن الشيخ لقِدَم العهد وعدم التقييد .. ثم وجدت مضمون ذلك مع زيادة فوائد في جوابٍ محرّرٍ عن الشيخ رحمه الله تعالى .. ودونكم السؤالَ والجواب:
نسمع بالطريقة الظاهرية لم تدعو؟ وهل هي مصادقة للسنة؟
الطريقة الظاهرية معروفة، وهي التي يسير عليها داود بن علي الظاهري، وأبو محمد ابن حزم، ومن يقول بقولهما، ومعناها: الأخذ بظاهر النصوص وعدم النظر في التعليل والقياس، فلا قياس عندهم ولا تعليل، بل يقولون بظاهر الأوامر والنواهي، ولا ينظرون إلى العلل والمعاني، فسموا ظاهرية لهذا المعنى؛ لأنهم أخذوا بالظاهر ولم ينظروا في العلل والحكم والأقيسة الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة، ولكن قولهم في الجملة أحسن من قول أهل الرأي المجرد الذين يحكمون الآراء والأقيسة، ويعرضون عن العناية بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، لكن عليهم نقص ومؤاخذات في جمودهم على الظاهر، وعدم رعايتهم للعلل والحكم والأسرار التي نبه عليها الشارع وقصدها، ولهذا غلطوا في مسائل كثيرة دل عليها الكتاب والسنة.
والله ولي التوفيق.
http://www.binbaz.org.sa/mat/276
تنبيه: لا يُفهَم من هذا الجواب: ذمّ أهل الرأي مطلقا، وإنما ينتبَه إلى تقييدات الشيخ رحمه الله مع جوابه المنقول قبل والذي أوصى فيه الشيخ بكتابٍ مثل (فتح القدير) لابن الهُمام رحمه الله تعالى وذلك أنه ذو عناية بالدليل على أنه مصنّف ضمن كتب أهل الرأي ..
¥