تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لِحْيَتِهِمَا مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ، وَالْمُرَادُ بِطُولِهَا طُولُ شَعْرِهَا فَيَشْمَلُ جَوَانِبَهَا فَلَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ مِنْهَا أَيْضًا، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ يُوهِمُ انْفِرَادَ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ قَالَ: (وَقَالَهُ) أَيْ نَدْبُ الْأَخْذِ مِنْ الطَّوِيلَةِ قَبْلَ مَالِكٍ (غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَ) غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ (التَّابِعِينَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ، وَالْمُرَادُ قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَيَكُونُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: مِنْ تَرْكِ طُولِهَا حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ التَّشْوِيهِ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِلطُّولِ كَثِيرًا لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَكَمَا يُسْتَحَبُّ قَصُّ الزَّائِدِ يُسْتَحَبُّ تَسْرِيحُهَا وَلِمَا وَرَدَ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ثَائِرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ لِيُسَرِّحَ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ تَسْرِيحِهِمَا قَالَ لَهُ: أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ ثَائِرَ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ؟}.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَخْذُ الزَّائِدِ عَلَى الْمُعْتَادِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَلْقُ مَا تَحْتَ الْحَنَكِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ حَتَّى قَالَ: إنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ حَلْقَهُ مِنْ الزِّينَةِ فَتَكُونُ إزَالَتُهُ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَأَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ، يُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَلْزَمُ عَلَى بَقَائِهِ تَضَرُّرُ الشَّخْصِ وَلَا تَشْوِيهِ خِلْقَتِهِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَلْزَمُ عَلَى بَقَائِهِ قُبْحُ مَنْظَرِ صَاحِبِهِ أَوْ تَضَرُّرُهُ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ عَرْضِ لِحْيَتِهِ وَطُولِهَا، وَكَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا شَعْرُ الْخَدِّ فَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازُ إزَالَتِهِ، وَأَمَّا شَعْرُ الْأَنْفِ فَقَدْ اسْتَحَبَّ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَصَّهُ لَا نَتْفَهُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ أَمَانٌ مِنْ الْجُذَامِ وَنَتْفَهُ يُورِثُ الْأَكَلَةَ، وَأَمَّا شَعْرُ الْعَنْفَقَةِ فَيَحْرُمُ إزَالَتُهُ كَحُرْمَةِ إزَالَةِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ، وَقَيَّدْنَا ذَلِكَ بِالرَّجُلِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهَا إزَالَةُ مَا عَدَا شَعْرَ رَأْسِهَا.

الثَّانِي: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى نَتْفِ الشَّيْبِ مِنْ اللِّحْيَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ: لَا أَعْلَمُهُ حَرَامًا وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، أَيْ إزَالَتُهُ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الصَّوَابِ، كَمَا يُكْرَهُ تَخْفِيفُ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ بِالْمُوسَى تَحْسِينًا وَتَزْيِينًا، وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّلْبِيسَ عَلَى النِّسَاءِ كَانَ أَشَدَّ فِي النَّهْيِ).

وتوجد نصوص أخرى، ليست مراجعها بين يدي الآن، والله ولي التوفيق

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير