تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.

كما حدثنا خلاد بن أسلم، قال: ثنا النضر، قال: أخبرنا المبارك، عن الحسن في هذه الآية (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قال: التي هي أحسن، لا يقول له مثل قوله يقول له: يرحمك الله يغفر الله لك.

وقوله (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ) يقول: إن الشيطان يسوء محاورة بعضهم بعضا ينزغ بينهم، يقول: يفسد بينهم، يهيج بينهم الشر (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) يقول: إن الشيطان كان لآدم وذرّيته عدوّا، قد أبان لهم عداوته بما أظهر لآدم من الحسد، وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة.

القول في تأويل قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا (54)} {تفسير الطبري}

والنزغ من أهم وأخطر الفقرات في الخطة الشيطانية ذلك لأنه يخفى على الكثير وتترتب عليه نتائج خطيرة على الدعوة والدعاة. ويستخدم الشيطان لتحقيق هذا المدخل وسيلتين وهما اللسان والأفعالأما اللسان فهو أهمهما فيه تتكون وتتجمع تلك النزغات في النفوس لذا قال الله تعالى:

" وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان السيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا".

وهو من أخطر المناطق في جسم الانسان وبسببه يسعد السعداء بالجنة ويشقى الأشقياء بالنار

ان تطهير اللسان من الآفات والتثبت قبل القول ووزن الكلام قبل التكلم به امر ذو شأن اذ به تضمن الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم:

" من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة"وكان ابن مسعود يقول ما على وجه الارض شيء احوج الى طول سجن من لسان.

والامثلة على ان تكون هذه النزغات في النفوس بسبب اللسان كثيرة

- منها ما ينزغ في نفس احدهم عند سماعه لعالم دين فيقول له:" أظهر له انك اعلم منه" فيدفعه ذلك لمناقشته اظهارا لعلمه الذي يعلم او تصيد أخطائه ليخبره بها امام الناس ويظهر لهم انه عالم وربما يتكون بسبب ذلك الجدل العقيم ان ينفر كثير من الناس من الاسلام وهذه احدى نتائج ضلال الامة كما قال صلى الله عليه وسلم:" ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أتوا الجدل" ...

- ومنها ما ينزغ في بعض النفوس عندما يكشف لهم البعض عن عيوبهم وينصحونهم بتركها فيقول له:

" مثلك لا ينصح وكيف تتقبل هذه النصيحة وانت اعلم من الناصح" او يقول له:" كيف تتقبل هذه النصيحة من الذي اصغر منك سنا" فيجعله يخاصم الناصح ولا يكلمه او يجعله يكره ان يراه او يمشي معه ...

قال ابن عقيل:" كان ابو اسحاق الخزاز صالحا وهو اول من لقنني كتاب الله وكان من عادته الامساك عن الكلام في شهر رمضان فكان يخاطب بآي القرآن فيما يعرض له من الحوائج فيقول باذنه"ادخلوا عليهم الباب"

ويقول لابنه في عشية الصوم" من بقلها وقثائها" آمرا له ان يشتري البقل فقلت له هذا الذي تعتقده عبادة هو معصية فصعب عليه فقلت: ان هذا القرآن العزيز أنزل في بيان أحكام شرعية فلا يستعمل في أغراض دنيوية فهجرني ولم يصغ الى الحجة" ...

- ومن نزغاته على بعض الناس انه" اذا دعي الى طعام قال: اليوم الخميس ولو قال أنا صائم كانت محنة" وانما قوله اليوم الخميس معناه اني أصوم كل خميس ومن هؤلاء من يرى الناس بعين الاحتقار لكونه صائم وهم مفطرون.

- وما نزغ في نفوس البعض" من قوامي الليل فتحدثوا بذلك بالنهار فربما قال احدهم: فلان المؤذن أذن بوقت ليعلم الناس انه كان منتبها فأقل ما في هذا ان سلم من الرياء أن ينقل من ديوان العلانية فيقل الثواب"

- ومنها ما ينزغ في نفوس بعض الدعاة من الانتصار للنفس اذا ما واجهوا بعض الشتائم والكلام القبيح من الجهال كما حدث ذلك لعمر بن عبد العزيز لولا أنه تذكر أنه في حالة غضب فخشي ان ينتصر لنفسه فقال للرجل:

" لولا أني غضبان لعاقبتك"

وصنف آخر من الدعاة ينزغ في أنفسهم العجب بالنفس بما يقومون به من واجبات الدعوة فانه " اذا انكر جلس في مجمع يصف ما فعله ويتباهى به ويسب اصحاب المنكر سب الحنق عليهم ويلعنهم ولعل القوم قد تابوا وربما كانوا خيرا منه لندمهم وكبره ويندرج بحديثه كشف عورات المسلمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير