3 - قالت عائشةُ رضي الله عنه-وذُكِرَ عندها ما يقطع الصلاة-: شبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ؟! وَاللهِ! لَقَدْ رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، وَإِنِّي عَلى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَّجِعَةٌ، فَتَبْدُو لي الحَاجَةُ، فَأكْرَهُ أنْ أجْلِسُ فَأوذِيَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.
رواه البخاري [1/ 773]، ومسلم [4/ 229].
4 - عن الفضل بن العباسرضي الله عنه، قال: أتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ في بَادِيةٍ لَنَا، وَمَعَهُ العَبَّاسُ، فَصَلَّى في صَحْرَاءَ، لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، وَحِمَارَةٌ لَنَا وَكَلْبَةٌ تَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا بَالى ذلِكَ.
رواه أبو داود [1/ 191]، والنسائي [2/ 65] نحوه.
5 - حديث أبي جحيفة: وفيه… ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الحِمَارُ وَالكَلْبُ لا يَمْنَعُ.
رواه مسلم [4/ 220].
وفي رواية: (يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا المرْأةُ وَالحِمَارُ) البخاري [1/ 757]، ومسلم [4/ 221].
وفي رواية: (النَّاسُ وَالدَّوَابُّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ العَنَزَةِ) البخاري [1/ 639]، ومسلم [4/ 220].
6 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيْءٌ، وَادْرَؤُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ.
رواه أبو داود [1/ 191].
7 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: أقْبَلْتُ رَاكِباً عَلى أتَانٍ - وَأنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ - فَأرْسَلْتُ الأتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ في الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذلِكَ عَلَيَّ أحَدٌ.
رواه البخاري [1/ 751]، ومسلم [4/ 221].
فوائد الأحاديث:
1 - معنى (قطع الصلاة) هو: أنَّها بطلت، وعلى المصلي الإعادة والاستئناف من جديد، لما يلي:
أ- عن أبي ذر رضي الله عنه: عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: تُعادُ الصَّلاَةُ مِنْ مَمَرِّ الحِمَارِ، وَالمرْأةِ، وَالكَلْبِ الأسْوَدِ.
رواه ابن خزيمة في صحيحه [2/ 21].
ب- وأعاد ابن عمررضي الله عنه ركعة الصلاة مِن جروٍ مرَّ بين يديه في الصلاة.
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [1/ 282]، وصححه ابن حزم في (المحلى [2/ 323]).
2 - تُقطع الصلاةُ مِن مرور هذه الثلاثة بين المصلى وقبلته لا مِن وجودها في قبلته، ولا مِن لمسها لما يلي:
أ- قوله صلى الله عليه وسلم: " تُعَادُ الصَّلاةُ مِنْ مَمَرِّ " وقد مرَّ قريباً.
ب- حديث طلحة: " ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ".
رواه مسلم [4/ 217].
جـ- حديث ابن عمر، وفيه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُوَجِّهٌ إِلى خَيْبَر.
رواه مسلم [5/ 209].
د- صلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى عائشة كما في الحديث الثالث.
2 - بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود، لصراحة الأحاديث بذلك، كما في حديث أبي ذر، وأبي هريرة، وهو قول: أنس، والحسن، وابن عباس، وابن خزيمة، وابن حزم، ورواية عن أحمد اختارها شيخُ الإسلام، وابن القيم، والشوكاني، وعليه مشايخنا في هذا العصر: الألباني، وابن باز، وابن عثيمين (3) رحمهم الله.
وقال بعضُ العلماء: لا يقطع الصلاةَ شيءٌ، وهو قول علي، وعثمان، وابن عمر، وابن المسيب، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي (4).
وقال آخرون: لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود، وهو قول عائشة، وأحمد-في رواية-، وإسحاق بن راهويه، ومروي عن أنس، وابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وهو قول مجاهد، ومكحول، وعكرمة (5).
وقد استدل القائلون بعدم القطع بأدلةٍ، سأوردها إنْ شاء الله، وأذكر ردَّ العلماء عليها أو على الاستدلال بها. والله الموفق.
أدلة القائلين بعدم قطع الصلاة:
أولاً: الحديث السادس، وهو "لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ".
قلت: وهو مرويٌّ من حديث أبي سعيد، وأنس، وأبي هريرة، وابن عمر، وجابر، لكنَّه ضعيفٌ لا يحتج به، ولا يفرح بكثرةِ طرقه.
¥