وقد ضعفه: ابن حزم (المحلى [2/ 326])، و ابن الجوزي (التحقيق [1/ 427])، و النَّووي (شرح مسلم [4/ 227])، و ابن قدامة (المغني [2/ 82])، و ابن تيمية (مجموع الفتاوى [21/ 16])، والحافظ ابن حجر (فتح الباري [1/ 774])، والشوكاني (نيل الأوطار [3/ 16])، والألباني (تمام المنَّة [ص307]).
ثانياً: الحديث الرابع، وهو حديث الفضل بن عباس.
والردُّ عليه مِن وجوهٍ:
أ- الحديثُ ضعيفٌ، لانقطاعه بين العباس بن عبيد الله بن عباس وبين الفضل، قاله ابن حزم (المحلى [2/ 326])، وأقرَّه الحافظ (تهذيب التهذيب [5/ 123]) وقال ابن قدامة: في إسناده مقال (المغني [2/ 82]).
ب- والعباس نفسه ضعيفٌ لجهالته، ولا متابع له، قال ابن القطان: لا يعرف حاله (التهذيب [5/ 123]).
جـ- لفظة "لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ" لم تأتِ إلاَّ في رواية عن يحيى بن أيوب عن محمد ابن عمر. وباقي الروايات عنه، والروايات عن ابن جريج عن محمد بن عمر بدونها. ويحيى صدوقٌ ربما أخطأ، فتفرده بها لا يُقبل.
د- يحتمل -على فرض صحة الحديث- أنَّ الحمارة والكلبة كانتا تعبثان بعد ثلاثة أذرع من محلِّ قيام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو المقدار الواجب في السترة،كما في البخاري [1/ 762].
أو ممر شاةٍ من موضع السجود، كما في البخاري [1/ 755]، و مسلم [4/ 225].
وعليه: فلا يضرُّ ما مرَّ بعد ذلك.
هـ- لم يذكر الفضل بن العباس أنَّ الكلبة كانت سوداء، إذ القطع ليس إلا منها.
و- لعل هذا المرور - لو سلَّمنا جدلاً بصحة الحديث- كان قبل قوله صلى الله عليه وسلم (يَقْطَعُ الصَّلاَةَ…) إذ الحكم للناقل عن البراءة الأصلية لا للموافق لها (6).
ثالثاً: الحديث الخامس، وهو حديث أبي جحيفة وفيه (… يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الحِمَارُ وَالكَلْبُ لاَ يَمْنَعُ).
وقد ردَّ على ذلك الإمام النووي فقال: معناه: يمر الحمار والكلب وراء السترة وقُدَّامها إلى القبلة كما قال في الحديث الآخر (وَرَأيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ العَنَزَةِ (7) …)، وفي الحديث الآخر: (فَيَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا المرْأةُ وَالحِمَارُ) (8) وفي الحديث السابق (وَلاَ يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذلِكَ). ا. هـ (شرح مسلم [4/ 220]).
رابعاً: حديث ابن عباس - وهو الحديث السابع-.
أ- وقد ردَّ على الاستدلال به: الحافظُ أبو زرعة العراقي فقال: حديث ابن عباس ليس صريحاً في مخالفة حديث (أبي ذر) و (أبي هريرة) لأنَّ ابن عباس قال: (فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ) ولا يلزم منه أنَّه مرَّ بين يدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا الأتان التي كان عليها. والإمام سترة للمأمومين وإنْ لم يكن بين يديه سترةٌ على أنَّ البخاري قد بوَّب عليه [باب: سترةُ الإمام سترةُ من خلفه] فيقتضي أنَّه كان بين يديه سترةٌ، ولا يلزم مِن قوله فيه (إِلى غَيْرِ جِدَارٍ) أنْ لا يكونَ ثَمَّ سترةٌ -وإن كان الشافعي قد فَسَّرَ قولَه (إِلى غَيْرِ جِدَارٍ) أنَّ المراد "إلى غير سترة" كما تقدم-. ا. هـ (طرح التثريب [2/ 391]).
وكذا قال ابن التركماني (الجوهر النقي [2/ 273]) والشوكاني (نيل الأوطار [3/ 13]).
ب- أنه قد ثبت أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى (عنزة) -وهي عصا في رأسها حديدة -يغرزها في الأرض ويصلي إليها في سفره، وهذا مثبتٌ وابن عباس رضي الله عنه نَفى، والمثبَت مقدَّمٌ على النفي خاصة في مثل هذه الحال، إذ قد توضع ولا يراها ابن عباس، ثُم هو لم يَنْفِها إنما نفى الجدار.
- عن ابن عمر رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أمَرَ بِالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذلِكَ في السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأمَرَاءُ. رواه البخاري [1/ 753].
خامساً: حديث عائشة - وهو الحديث الثالث- وفيه… (وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ القِبْلَةِ).
¥