87/ 2 ـ وَعَنْهُ قَالَ: كَان رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إنّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ». أَخْرَجَهُ السّبْعَةُ.
شرح الالفاظ:
قوله: (من الخُبُثِ): جمع خبيث، وهم ذكران الشياطين، والخبائث: جمع خبيثة،، وهن إناث الشياطين، فكأنه استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم. وقيل: الخُبْث: بإسكان الباء: الشر، والخبائث: الذوات الشريرة، فكأنه استعاذ من الشر وأهله.
المسائل:
-الحديث دليل على مشروعية الدعاء عند دخول المكان المعد لقضاء الحاجة بهذا الدعاء، ومناسبة هذا الدعاء دل عليها حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث»
الحديث دليل على أن الأمكنة النجسة كالحمامات والحشوش والمزابل هي مأوى الشياطين، ولذا شرعت الاستعاذة بالله تعالى منهم من ذكرانهم وإناثهم، أو من الشر كله وأهله، وهذا يدل على أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في دفع ما يؤذيهم أو يضرهم.
حكم الاستنجاء بالماء من البول أو الغائط
88/ 3 ـ وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم يَدْخُلُ الْخَلاَءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلاَمٌ نَحْوي إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً، فَيَسْتَنْجِي بِالمَاءِ. مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
شرح ألفاظه:
وقوله: (نحوي) اي مقارب لي في السن.
قوله: (إداوة): إناء صغير من جلد.
قوله: (وعَنَزَة): حربة صغيرة.
قوله: (يستنجي بالماء) أي: يطهر بالماء الذي في الإداوة ما أصاب السبيلين من أثر البول والغائط.
المسائل:
الحديث دليل على جواز الاقتصار على الاستنجاء بالماء، ولو لم يتقدم ذلك استجمار بالأحجار ونحوها.
الحديث دليل على أنه ينبغي للمسلم أن يستعد بطهوره عند قضاء حاجته، لئلا يحوجه عدم الاستعداد إلى القيام والتلوث بالنجاسة.
استحباب البعد والاستتار عند قضاء الحاجة
89/ 4 ـ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِيَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «خُذِ الإدَاوَةَ». فَانْطَلَقَ حَتّى تَوَارَى عَنّي، فَقَضى حَاجَتَهُ. مُتّفَقٌ عَلَيهِ.
شرح ألفاظه:
قوله: (حتى توارى عني) أي: استتر عني، إما بشجرة أو بأكمة، أو ببعده ونحو ذلك.
المسائل:
الحديث دليل على استحباب البعد والتواري عن الناس عند إرادة قضاء الحاجة، لئلا تُرى عورته، أو يُسمع صوته، أو تُشم رائحته، وهذا إن كان في الصحراء، فإن كان في البنيان حصل المقصود بالبناء المعد لقضاء الحاجة، والله تعالى أعلم.
بيان بعض الأماكن التي يُنهى عن التخلي فيها
90/ 5 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «اتّقُوا اللاّعِنَيْنِ: الّذِي يَتَخَلّى في طَرِيق النّاس، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ». رَوَاهُ مُسْلمٌ.
91/ 6 ـ زَادَ أَبُو دَاودَ، عَنْ مُعَاذٍ: (وَالمَوَارِدِ).
92/ 7 ـ وَلأحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: «أَوْ نَقْعِ مَاءٍ». وَفِيهمَا ضَعْفٌ.
93/ 8 ـ وَأَخْرَجَ الطّبَرَانِيُّ النّهْيَ عَنْ تَحْتِ الأشْجَارِ المُثْمِرَةِ، وَضَفّةِ النّهْرِ الجَارِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
شرح ألفاظها:
قوله: (اتقوا اللاعنين) أي: الأمرين الجالبين للعن، الحاملين الناسَ عليه.
قوله: (أو في ظلهم) المراد به: مستظل الناس الذي اتخذوه مكاناً للمقيل والراحة.
قوله: (البراز في الموارد) جمع مورد، وهو الموضع الذي يَرِدُهُ الناس من عين ماء أو غدير ونحوهما. والبراز: بفتح الباء، هو في الأصل الفضاء الواسع، ويكنى به عن الغائط.
قوله: (أو نقع ماء) أي: مجتمع الماء.
قوله: (تحت شجرة مثمرة) المراد هي ما يقصدها الناس ولو كانت غير مطعومة، فلا يجوز لأحد أن يتخلى تحتها.
قوله: (على ضَفَّةِ نهر جار) والمراد بها جانب النهر.
المسائل:
دلت هذه الأحاديث على النهي عن التخلي في بعض الأماكن لما في ذلك من أذية الناس بالتنجيس والاستقذار والنتن، والتسبب في نشر الأمراض وهو مظهر سيئ، منافٍ لتعاليم الإسلام الداعية إلى النظافة، والذي تحصّل من هذه الأحاديث ستة مواضع:
وهي: طريق الناس، والظل، والموارد، ونقع الماء، والأشجار المثمرة، وجانب النهر.
¥