قوله: (فأتيته بروثة) بفتح الراء وسكون الواو، هي فضلة ذات الحافر.
قوله: (إنها ركس) بكسر الراء وسكون الكاف: أي نجس.
المسائل:
الحديث دليل على أن الاستنجاء لا يكون بأقل من ثلاثة أحجار؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم طلب من ابن مسعود رضي الله عنه أن يأتيه بثلاثة أحجار، وقد تقدم في حديث سلمان رضي الله عنه عند مسلم: (نهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار)،وهذا هو القول الراجح وقدحدد الشرع هذه الإزالة في حالة الاستجمار بثلاثة أحجار، وتركه فيه مخالفة الشارع الحكيم.
بيان ما لا يُستنجى به
101/ 16 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم نَهى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: «إِنّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ». رَوَاه الدّارَقُطْنِيُّ وَصَحّحَهُ.
المسائل:
الحديث دليل على النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث، وقد علل لذلك بأنهما لا يطهران، وقد تقدم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه التعليل بأنهما طعام الجن، وتقدم تعليل الروثة ـ أيضاً ـ بأنها ركس.
والتعليل بعدم التطهير في الروثة عائد إلى كونها ركساً، وأما في العظم فلأنه لزج لا يكاد يتماسك، فلا ينشف النجاسة ولا يقطع البِلَّةَ، ومثل ذلك الزجاج الأملس.
الحديث دليل على أن الاستنجاء بالأحجار يطهر طهارة لا يلزم معها الماء، وليس مزيلاً فقط؛ لأنه علل بأن العظم والروث لا يطهران؛ فدل على أن الحجارة وما في معناها يطهر، وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة، ويؤيد ذلك حديث ابن مسعود المتقدم، فإنه صلّى الله عليه وسلّم طلب أحجاراً ولم يطلب ماء، وكذا حديث سلمان المتقدم، وشرط ذلك الإنقاء، فإذا أنقى المحل بثلاثة أحجار فأكثر أجزأ، ولا يلزم الاستنجاء بالماء، فإن ضم إليه الماء من باب الطهارة والنظافة فهو أكمل.
وجوب التنزه من البول وأنه من أسباب عذاب القبر
102/ 17 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «اسْتَنْزِهُوا مِنَ البَوْلِ، فَإنّ عَامّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ». رَوَاهُ الدّارَقُطْنِيّ.
103/ 18 ـ ولِلْحَاكِمِ: «أَكْثرُ عَذَابِ الْقَبرِ مِنَ الْبَوْلِ». وَهُوَ صَحِيحُ الإسْنَادِ.
المسائل:
الحديث دليل على وجوب تنزه الإنسان من بوله، وتحريم التساهل بذلك، وأن التساهل من أسباب عذاب القبر، بل إن أكثر عذاب القبر منه، ومن ذلك أن يبول في محل دَمِثٍ حتى لا يطير عليه شيء من رشاش.
الحديث دليل على ثبوت عذاب القبر.
الاعتماد على الرجل اليسرى عند قضاء الحاجة
104/ 19 ـ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: عَلّمَنَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْخَلاَءِ: أَنْ نَقْعُدَ عَلَى الْيُسْرَى، وَنَنْصِبَ الْيُمْنَى. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
المسائل:
الحديث دليل على استحباب نصب الرجل اليمنى، والتحامل على الرجل اليسرى أثناء قضاء الحاجة، وقد ذكر العلماء أن هذه الكيفية تُسَهِّلُ الخارج.
ولكن هذا الحديث ضعيف ـ كما تقدم ـ والضعيف لا تثبت به الأحكام الشرعية، فإن ثبت من الناحية الطبية أن هذه الجِلْسة مفيدة صارت مطلوبة، لا من جهة أنها من السنة، ولكن من جهة أنها من المصلحة؛ لأن كل ما فيه مصلحة فإنه مأمور به، ما لم يشهد الشرع ببطلانها، والله تعالى أعلم.
استحباب نتر الذكر بعد البول
105/ 20 ـ عَنْ عِيسى بْنِ يَزْدَادَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلاَثَ مَرّاتٍ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
شرح ألفاظه:
قوله: (فلينتر) وصفة ذلك أن ينفض ذكره لاستخراج ما بقي في القصبة.
المسائل:
الصواب أن نتر الذكر لايستحب لعدم ثبوت الحديث، ولأن ذلك يحدث الوسواس، بل إذا انتهى البول غسل رأس الذكر، ومثل ذلك السّلْتُ الذي ذكره الفقهاء، وهو أن يمسح ذكره من أصله إلى رأسه ثلاث مرات، فهذا لم يصح فيه شيء، وربما سبب ضرراً.
امامن وجد من الناس من قد يخرج منه شيء بعد البول إذا لم يتحرك أو يمشي خطوات فهذا له حكم خاص، ولا ينبغي أن يجعل أمراً عاماً لكل أحد، فهذا لا حرج عليه إذا تحرك أو مشى خطوات، بشرط أن يتيقن خروج شيء عن طريق التجربة، فإن كان مجرد وَهْمٍ أو وسواس فلا عبرة به، ولا ينبغي الالتفات إليه.
حكم الجمع بين الحجارة والماء في الاستنجاء
106/ 21 ـ عَنِ ابنِ عَبّاس رضي الله عنهما أَنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم سَأَلَ أَهْلَ قُبَاءٍ، فَقَالُوا: إنّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ المَاءَ. رَوَاهُ الْبَزّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
107/ 22 ـ وَأَصْلُهُ فِي أَبي دَاوُدَ، والتِّرمذِيِّ، وَصَحّحَهُ ابْنُ خُزَيمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِدُونِ ذِكْرِ الْحِجَارَةِ.
شرح ألفاظه:
قوله: (قباء): اسم لمكان قرب المدينة النبوية، وهوالآن حي من أحياء المدينة.
المسائل:
الحديث دليل على أن إزالة النجاسة من محل الخارج بتخفيفها بالحجارة ثم إتباعها الماء هو أكمل التطهر، ليحصل كمال الإنقاء، وهذه هي الحالة الأولى، وهذه الحالة لم يثبت فيها حديث من القول ولا من الفعل.
والحالة الثانية: الاقتصار على الماء وحده؛ وهو أفضل من الاقتصار على الحجارة وحدها.
والحالة الثالثة: الاقتصار على الحجارة وحدها، لا فرق في ذلك بين وجود الماء وعدمه، ولا بين الحاضر والمسافر والصحيح والمريض.
وقد ذكر ابن القيم في هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم عند قضاء الحاجة أنه كان يستنجي بالماء تارة، ويستجمر بالأحجار تارة، ويجمع بينهما تارة، أما الأولان فثابتان، وأما الجمع من فعله فلم يثبت.
انتهى الجزء الاول بحمد الله وتوفيقه،،
فأسأل الله ان يثيب الشيخ عبدالله الفوزان، وان يبارك له في علمه وان ينفع به،،
واسأل الله ان ييسر الجزء الثاني،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات،،
¥