تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[يعترض على مغفرة الله لسيئات الكافر إن هو أسلم، ومحاسبة الله للمسلم العاصي!]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[18 - 07 - 09, 04:38 ص]ـ

[يعترض على مغفرة الله لسيئات الكافر إن هو أسلم، ومحاسبة الله للمسلم العاصي!]

السؤال: إنني قد ولدت مسلماً - والحمد لله -، أريد أن أسأل سؤالاً أزعجني كثيراً في الآونة الأخيرة، كنت أتناقش وزميل لي في العمل حول مغفرة الله للكافر إذا ما أسلم عند موته، فقال زميلي: بأن الله يغفر للكافر إذا ما نطق بالشهادة عند موته، وقد قلت له: كيف يغفر الله له كل هذه الآثام؟ وأقصد بقولي أنه قد جمع جميع الملذات أيام كفره، فلا حصر لما مارسه من زنا، مع نساء، أو رجال، وقد كان يشرب الخمر، ويقتل، ثم إنه بعد ذلك يسلم عند موته؟ فلماذا يغفر الله له؟! فهذا ليس عدلاً في منظور أي فرد وخاصة المسلمين، أليس كذلك؟ وإنني أعني أنه لو قال كافر: " إنني سوف أشرب الخمر، وأزني بالنساء دونما زواج، وإذا ما قرُبت منيتي: أسلمت لله "، أو إنه حتى لم يفكر في ذلك، ولكنه أسلم في النهاية، على أية حال (وكان إسلامه صادقاً)، فلماذا يغفر الله له؟ كما أنني مسلم صادق، وأعبد الله وحده، وقد قال زميلي: إن الله سوف يغفر له لأنه لم يكن على معرفة بالإسلام، ولكنني لم أصدق مثل هذا القول، ولا أرضى به؛ لأنه لو غفر الله له فماذا عن سيئاتي أنا وهل يغفرها الله؟ وإذا ما كان الله يغفر للكافر في آخر لحظات حياته: فإن هذا غير عادل تماماً بأن لا يحاسبه على جميع أعماله، ولماذا أُسأل أنا (المسلم) عن سيئاتي بينما يغفر للكافر؟.

برجاء الإجابة على هذا السؤال؛ حيث إنه أقضَّ مضجعي، ليلاً، ونهاراً، ولا أريد أن تجيبني بأنه ليس لنا أن نحكم في هذا، لأن هذه كانت ضمن الإجابات التي قيلت لي كثيراً، ولكنني أريد إجابة أفضل، وأكثر إيضاحاً. جزاك الله خيراً.

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

قبل الإجابة لا بد من التنبيه على أمرٍ جلل، وهو أنه يحرم الكلام في دين الله تعالى بغير علم وهدى.

قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/ 33.

كما أنه يحرم الاعتراض على شرع الله في أحكامه، بل يجب التسليم، ولا مانع من السؤال عما خفي حكمه، أو حكمته، لكن ليس أن يبدأ بالاعتراض والرد، فيقول القائل: كيف هذا، وأنا لا أرضى به؟! حتى لكأنه يتحكم في أمر من ملكه، أو يحكم على صبي من بني جنسه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء/ 65.

فنحن وإن كنا فرحين بمراسلتك لنا، واستفسارك عن المسألة، لكن قد أحزننا، بل أفزعنا، ذلك الكلام، وذلك الحوار بينك وبين صاحبك، فهلا سألتما ـ قبل الاعتراض، والرد والتكذيب ـ عما جهلتما؛ فإنما شفاء العيّ السؤال؟!

وهل علمتما خطر الرد والتكذيب بأمر، لم تحيطا به علماً؟! قال الله تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) يونس/39.

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:

" والذي حملهم على التكذيب بالقرآن المشتمل على الحق الذي لا حق فوقه، أنهم لم يحيطوا به علمًا؛ فلو أحاطوا به علمًا وفهموه حق فهمه، لأذعنوا بالتصديق به ... وهذا التكذيب الصادر منهم، من جنس تكذيب من قبلهم، ولهذا قال: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} وهو الهلاك الذي لم يبق منهم أحدًا.

فليحذر هؤلاء أن يستمروا على تكذيبهم، فيحل بهم ما أحل بالأمم المكذبين والقرون المهلكين.

وفي هذا دليل على التثبت في الأمور، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يبادر بقبول شيء أو رده، قبل أن يحيط به علمًا ".

ثانياً:

أيها الأخ السائل:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير