تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف نقضي على الابتداع في زيارة جبلي حراء وثور]

ـ[العوضي]ــــــــ[18 - 07 - 09, 05:42 م]ـ

[كيف نقضي على الابتداع في زيارة جبلي حراء وثور]

العدد 2135

12 ربيع الأول 1429 هـ

د· محمد بن إبراهيم السعيدي*

يرتبط اسم غار حراء في ذهن كل مسلم بإرهاصات الرسالة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، والتي تعد بحق الخيوط الأولى لفجر نور الإسلام الذي عم العالم بأسرة وأخرج الله به أمماً لا تحصى من الظلمات إلى النور·

كما أن غار ثور يرتبط بالخطوات الأولى للهجرة العظيمة التي هي في نظر كل مسلم البداية العملية لتأسيس دولة الإسلام التي أخذت على عاتقها منذ إنشائها مهمة تبليغ رسالة الله إلى كل الأرض وإنقاذ كل من آمن بهذه الرسالة من ربقة الاستعباد للعباد إلى الاستعباد لرب العباد·

بهذه العبارات اليسيرة يمكن أن نجمل مشاعر المسلمين تجاه هذين الأثرين، وهي المشاعر التي تدفع بهم إلى زيارة جبلي حراء وثور عند قدومهم إلى مكة حاجين أو معتمرين، وتهون لأجلها عندهم كثرة الصعاب التي تحول بينهم وبين هذه الغاية القلبية من وعورة الجل وضعف البنية وشدة الحر، وكان مما لابد منه أن يحرر القول في حكم ما يفعلونه فإن كان محظورا حيل بينهم وبينه، إعانة لهم على الخير وتحقيقا لمقاصد الشريعة من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان مباحاً خلي بينهم وبين مقصدهم، بل وكان لزاماً علينا السعي لاستثمار شعورهم هذا بما يعود بالمنفعة على الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر·

فلم أجد فيما رجعت إليه من فتاوى في هذه المسألة خلافاً في أنه لا يجوز اتخاذ زيارة هذين الأثرين عبادة، لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أو ضعيف بل لم يرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحدا من أصحابه زارهما·

كما لم أجد خلافا في أنه لا يجوز التبرك بهما لأن البركة إنما تطلب بطريق الشرع ولم يرد الشرع بشيء من ذلك·

ولم أجد خلافاً أيضاً في أنه إذا تحقق كون زيارتهما ذريعة للابتداع والشرك فيمنع من زيارتهما إجراء للقاعدة سد الذريعة، والشرك والبدعة والقول على الله تعالى بغير علم من أعظم الأمور التي ينبغي سد الذرائع الموصلة إليها·

ووجدت أن الخلاف في الحقيقة منحصر في أمر هو: هل زيارة الغارين ذريعة للبدعة أم ليست ذريعة لها؟

فمن يرى الجواز لم يلحظ في صعود المسلمين لرؤية الغار ذريعة إلى البدع، بل رأى فيها تذكر سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاعتبار به وربما حصل من وراء ذلك رقة للقلب تنبعث عن تتبع آثار المحبوب كما قال الشاعر:

وما حب الديار شغفن قلبي

ولكن حب من سكن الديارا

ومن رأى المنع من زيارتها لحظ أنها ذريعة للابتداع واعتقاد سنيتها، أو أنها جزء من المناسك، وقد نص ابن تيمية رحمه الله على بدعية زيارة هذين الغارين في فتواه التالية:

"وأما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا وما في سفح أبي قبيس ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فليس قصد شيء من ذلك من السنة ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة، والمشاعر: عرفة ومزدلفة والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك فإنه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك، بل هو بدعة" انتهى من "مجموع فتاوى ابن تيمية" (26/ 144) ·

وهذا القول هو ما يذهب إليه غالب المفتين في المملكة العربية السعودية وعليه جاءت فتوى اللجنة الدائمة في السؤال التالي والجواب عنه:

يقع حوادث سقوط بعض الحجاج أثناء صعودهم لجبل النور ونزولهم من الغار، ويقترح بعض الناس القيام بعمل درج يؤدي إلى موقع الغار مع قفل جميع الجهات بشبك حديدي يمنع دخول أي أحد إلا من الطريق المخصص للصعود والنزول·

فأجابوا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير