تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال رحمه الله: وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف، كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لِخاصِّيّ، ولكن رخص النبي في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدُّف في الأعراس والأفراح، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدفٍّ ولا يصفق بكف بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. ولما كان الغناء والضرب بالدُّف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا، ويسمون الرجال المغنين مخنّثا، وهذا مشهور في كلامهم. ومن هذا الباب حديث عائشة رضى الله عنها لما دخل عليها أبوها رضى الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر رضي الله عنه: أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط، فقال: دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا أهل الإسلام. ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه، ولهذا سمّاه الصديق مزمار الشيطان، والنبي أقرّ الجواري عليه معللا ذلك بأنه يوم عيد، والصغار يُرخّص لهم في اللعب في الأعياد كما جاء في الحديث: ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة. وكان لعائشة لعب تلعب بهن ويجئن صواحباتها من صغار النسوة يلعبن معها، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك، والأمر والنهى إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار. اهـ.

وقال رحمه الله: و أما غناء الرجال للرجال فلم يبلغنا أنه كان في عهد الصحابة. انتهى كلامه – رحمه الله –.

ملحوظة: قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –: وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبة امرأته، فإنهن من الحق.

يُشعر أن الحديث في الصحيحين أو في أحدهما، وليس كذلك، إلا إن كان الشيخ يقصد أنه في الحديث الصحيح، فهو كذلك.

تنبيه:حديث: أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالغربال.

حديث ضعيف، ضعّفه جمع من الأئمة.

قال ابن حجر – رحمه الله –:روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالغربال أي الدف. رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة وفي إسناده خالد بن إلياس وهو منكر الحديث قاله أحمد، وفي رواية الترمذي عيسى بن ميمون وهو يضعف قاله الترمذي، وضعفه ابن الجوزي من الوجهين. نعم روى أحمد وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن الزبير: أعلنوا النكاح. انتهى.

كما ضعفه ابن الجوزي في العلل المتناهية.

وضعفه الحافظ الزيلعي في نصب الراية.

ويُغني عنه ما تقدّم.

والله أعلم.

كتبه عبد الرحمن السحيم – الرياض – 1420 هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير