تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - أجاز بعض الفقهاء اعتماد الحساب الفلكي في النفي فقط؛ بمعنى أنه إذا جاء من يشهد برؤية الهلال، ودلت الحسابات الفلكية على أن رؤية الهلال مستحيلة أو غير ممكنة؛ فإن هذه الشهادة ترد. ومن أشهر القائلين بهذا الرأي تقي الدين السبكي وهو من كبار الفقهاء الشافعية في النصف الأول من القرن الثامن الهجري؛ فقد ذكر السبكي في فتاواه أن الحساب إذا نفى إمكانية الرؤية البصرية؛ فالواجب على القاضي أن يرد شهادة الشهود، قال: "لأن الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان، والظني لا يعارض القطعي، فضلاً عن أن يُقَدم عليه".

وذكر أن من شأن القاضي أن ينظر في شهادة الشاهد عنده، في أي قضية من القضايا؛ فإن رأى الحس أو العيان يكذبها ردها ولا كرامة.

قال: "والبينة شرطها أن يكون ما شهدت به ممكنا حسًا وعقلا وشرعًا، فإذا فرض دلالة الحساب قطعًا على عدم الإمكان استحال القول شرعًا، لاستحالة المشهود به، والشرع لا يأتي بالمستحيلات. أما شهادة الشهود فتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب" (موقع إسلام أون لاين 2004)، وممن قال بهذا الرأي من المتأخرين محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر، والشيخ علي الطنطاوي (القضاة 1999)، والشيخ عبد الله بن منيع. ومن القائلين بهذا الرأي أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والقرافي وابن رشد (منيع 2004).

2 - أجاز بعض الفقهاء اعتماد الحساب الفلكي في النفي والإثبات؛ فقد زاد مؤيدوا هذا الرأي عن أصحاب الرأي السابق أنه إذا دلت الحسابات الفلكية على وجود القمر بعد غروب الشمس بوضع يسمح برؤيته كهلال؛ فإنه يؤخذ بالحسابات الفلكية، ويكون اليوم التالي أول أيام الشهر الهجري دون اشتراط رؤيته بالعين المجردة. ومن أشهر القائلين بهذا الرأي قديماً مُطرِّف بن عبد الله من كبار التابعين، وأبو العباس بن سريج من كبار الشافعية في القرن الثالث الهجري، وابن قتيبة الدينوري. ومن أشهر من قال به في عصرنا الشيخ أحمد شاكر، والشيخ مصطفى الزرقا، والدكتور يوسف القرضاوي (القضاة 1999).

3 - الفريق الآخر من الفقهاء لم يُجز استخدام الحساب الفلكي لا في النفي ولا في الإثبات؛ فإذا ما جاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته، حتى إذا وجدت حسابات فلكية تدل على أن القمر لم يكن موجوداً في السماء في ذلك الوقت. ومن القائلين بهذا الرأي الشيخ ابن باز، وقد يكون ذلك لاعتقاد أصحاب هذا الرأي أن الحسابات الفلكية غير دقيقة أو غير قطعية، كما انهم اعتمدوا في مذهبهم على الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» , ومن الأقدمين قال باعتماد الرؤيا شيخ الإسلام ابن تيمية.

إن بعض الفلكيين يقومون بإجراء الحسابات الفلكية؛ فإذا ما وجدوا أن القمر يغيب بعد الشمس ولو بدقيقة، وأن الاقتران (المحاق) قد حدث قبل غروب الشمس ولو بدقيقة اعتبروا اليوم التالي أول أيام الشهر الهجري الجديد. واحتجوا بذلك بقول الفقهاء الذين أجازوا استخدام الحساب الفلكي في الإثبات والنفي، ولكن في الحقيقية إن هذا الاحتجاج لا يصلح أبداً؛ لأن الفقهاء الذين أجازوا استخدام الحسابات الفلكية للإثبات أجازوها عندما تدل الحسابات الفلكية على أن القمر قد أصبح في طور الهلال، وليس والقمر في طور المحاق! فحدوث الاقتران (المحاق أو ما يسميه البعض تولد الهلال) لا يعني أن القمر قد أصبح في طور الهلال! بل على العكس تماما فالاقتران (المحاق أو تولد الهلال) هو وصول القمر لذروة طور المحاق! ويحتاج القمر إلى 12 - 18 ساعة تقريبا بعد الاقتران (المحاق أو تولد الهلال) لينتقل من طور المحاق إلى الهلال.

ففي الحقيقة لا يوجد أي فقيه أجاز بدء الشهر الهجري بمجرد حدوث الاقتران؛ لأن ربط بداية الشهر الهجري بحدوث الاقتران هو ربط لمواقيت المسلمين بطور المحاق وليس الهلال! إلا أن الآية الكريمة قد صرحت بوضوح أن مواقيت المسلمين مرتبطة بالهلال وليس المحاق؛ فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة 189].

هل نتبع الحساب أم الرؤية؟

مما سبق نستنتج أنه لا يمكن الإجابة على سؤال "هل نتبع الحسابات الفلكية أم رؤية الهلال؟ " دون تحديد المقصود بالحسابات الفلكية والمقصود برؤية الهلال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير