[أحاديث المفاضلة بين العلماء والشهداء.]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[21 - 07 - 09, 09:21 ص]ـ
أحاديث المفاضلة بين العلماء والشهداء
ما صحة هذا الحديث: (مداد حبر العالم أقدس من دم الشهيد)؟
أولا:
الأحاديث الواردة في تفضيل العلماء على الشهداء، أو تفضيل مداد العالم على دم الشهيد جاءت عن جماعة من الصحابة، ولكن بأسانيد واهية وبطرق شديدة الضعف أو موضوعة: نذكرها هنا باختصار:
1 - عن أبي الدرداء رضي الله عنه: يرويه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/ 150)، وفي إسناده إسماعيل بن أبي زياد، قال عنه ابن حبان: دجال. ولذلك ضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (ص/5)
2 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: يرويه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1718)، والديلمي في "مسند الفردوس"، وفي إسناده إسماعيل بن أبي زياد السابق أيضا.
ورواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 81) من طريق أخرى وقال: " وهذا لا يصح، قال أحمد بن حنبل: محمد بن يزيد الواسطي لا يروي عن عبد الرحمن بن زياد شيئا، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات " انتهى.
3 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: يرويه الديلمي في "مسند الفردوس"، وفي إسناده إسحاق بن القاسم وأبوه: لا يعرفان.
ويرويه الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/ 193)، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 80) وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الخطيب: رجاله كلهم ثقات غير محمد بن الحسن، ونراه مما صنعت يداه " انتهى.
4 - عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: يرويه السهمي في "تاريخ جرجان" (ص/91، 222)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 81)، وقال: " هذا لا يصح: أما هارون بن عنترة فقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، يروي المناكير التي يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها. ويعقوب القُمِّي: ضعيف " انتهى.
5 - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: يرويه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 481)، وفي إسناده عبد الملك بن مسلمة: يروي المناكير، وكذلك فيه عبد الله بن لهيعة.
6 - عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أخرجه المرهبي في "فضل العلم" – كما نقل ذلك السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 423) –، وهو في "جزء ابن عمشليق" (ص/44) بإسناده. وفيه أحمد بن محمد بن القاسم مؤذن طرسوس لم أقف له على ترجمة.
7 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه: يرويه ابن النجار عنه كما ذكر ذلك السيوطي، وذكره في "لسان الميزان" (5/ 225) من طريق: جراب الكذاب.
8 - عن ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه في "جزء ابن عمشليق" (ص/45) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهذا إسناد واهٍ بمرة.
9 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: يرويه السمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص/181) وفي إسناده المظفر بن الحسين شيخ السمعاني لم أقف له على ترجمة.
وخلاصة الكلام أن الحديث لا يصح، قال فيه الخطيب البغدادي: موضوع، وقال الإمام الذهبي رحمه الله: "متنه موضوع " انتهى. "ميزان الاعتدال" (3/ 517)، وذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص/17)، والعامري في "الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث" (ص/203)، وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (حديث رقم/4832): " وهو الذي يميل إليه القلب " انتهى. يعني أنه موضوع. وكذا قال الشيخ محمد رشيد رضا في "مجلة المنار" (3/ 698)
ثانيا:
الذي يظهر أن ما ورد من الفضائل لدم الشهيد، في حد ذاته، لم يرد مثله في مداد العلماء، بل لا نعلم حديثا صحيحا في فضل مداد العلماء في نفسه، فضلا عن تفضيله على دم الشهيد، وأما دم الشهيد فقد ثبت فيه أن يأتي يوم القيامة: اللون لون الدم، والريح ريح المسك، وأن الشهيد يغفر له بأول قطرة منه .. ، إلى آخر ما ورد في ذلك، لكن هذا شيء، وتفضيل الشهيد نفسه على العالم شيء آخر.
قال المناوي رحمه الله:
" والإنصاف أن ما ورد للشهيد من الخصائص، وصحَّ فيه من دفع العذاب، وغفران النقائص: لم يرد مثله للعالم لمجرد علمه، ولا يمكن أحدا أن يقطع له به في حكمه، وقد يكون لمن هو أعلى درجة ما هو أفضل من ذلك.
¥