تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْفَرْعِيَّيْنِ وَلَمَّا أَنْ اطْمَأَنَّتْ بِالْأَمِيرِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الدَّارُ جَمَعَ الْفُقَهَاءَ إمَّا لِاخْتِبَارِ مَذْهَبِهِمْ أَوْ حَمْلِهِمْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَزْمٍ فَحَكَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَرْقُونٍ جَامِعَ الِاسْتِذْكَارِ وَالْمُنْتَقَى قَالَ كُنْت فِيمَنْ جَمَعَهُمْ فَقَامَ عَلَى رَأْسِهِ كَاتِبُهُ وَوَزِيرُهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنِ عَطِيَّةَ فَخَطَبَ خُطْبَةً مُخْتَصَرَةً ثُمَّ رَدَّ رَأْسَهُ إلَى الْفُقَهَاءِ وَقَالَ لَهُمْ بَلَغَ سَيِّدُنَا أَنَّ قَوْمًا مِنْ أُولِي الْعِلْمِ تَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ عليه الصلاة والسلام وَصَارُوا يَحْكُمُونَ بَيْنَ النَّاسِ وَيُفْتُونَ بِهَذِهِ الْفُرُوعِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرْعِ أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ وَقَدْ أَمَرَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ وَنَظَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْفُرُوعِ وَالْمَسَائِلِ عُوقِبَ الْعِقَابَ الشَّدِيدَ وَفُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا وَسَكَتَ وَرَفَعَ الْأَمِيرُ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ رَأْسَهُ إلَيْهِ , وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ , وَقَالَ سَمِعْتُمْ مَا قَالَ فَقَالَ لَهُ الطَّلَبَةُ نَعَمْ قَالَ وَسَمِعْنَا أَنَّ عِنْدَ الْقَوْمِ تَأْلِيفًا مِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ يُسَمُّونَهُ الْكِتَابَ يَعْنِي الْمُدَوَّنَةَ وَأَنَّهُمْ إذَا قَالَ لَهُمْ قَائِلٌ مَسْأَلَةً مِنْ السُّنَّةِ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ أَوْ مُخَالِفَةً لَهُ قَالُوا مَا هِيَ فِي الْكِتَابِ أَوْ مَا هُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَلَيْسَ ثَمَّ كِتَابٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ إلَّا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَأَرْعَدَ وَأَبْرَقَ فِي التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ وَالْفُقَهَاءُ سُكُوتٌ ثُمَّ قَالَ , وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَقْوَالًا بِرَأْيِهِمْ وَلَيْسَتْ مِنْ الشَّرْعِ أَوْ قَالَ مِنْ الدِّينِ فَيَقُولُونَ مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَيَتَحَكَّمُونَ فِي دِينِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِأَنَّهَا إمَّا صَحِيحَةٌ فَلَا إعَادَةَ أَوْ بَاطِلَةٌ فَيُعِيدُ أَبَدًا فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذُوهُ فَصَمَتَ الْقَوْمُ وَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ لِحِدَّةِ الْأَمْرِ وَالْإِنْكَارِ.

قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ فَحَمَلَتْنِي الْغَيْرَةُ عَلَى أَنْ تَكَلَّمْت وَتَلَطَّفْت فِي الْكَلَامِ لَهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا بِهِمْ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ وَأَمَاتَ الْبَاطِلَ وَأَهْلَهُ وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْمَنْحَى , وَقُلْت إنْ أُذِنَ لِي فِي الْجَوَابِ تَكَلَّمْتُ وَأَدَّيْتُ نَصِيحَتِي وَهِيَ السُّنَّةُ فَقَالَ كَالْمُنْكِرِ عَلَيَّ وَهِيَ السُّنَّةُ أَيْضًا وَكَرَّرَهَا فَقُلْتُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: ارْجِعْ وَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي , فَقَالَ لَهُ: إذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ} إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الْوَقْتِيَّةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ. فَعَلَى هَذَا بَنَى الْفُقَهَاءُ أَمْرَهُمْ فِيمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ خَلَلٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا أَصْغَى إلَيَّ اتَّسَعَ لِي الْقَوْلُ فَقُلْت لَهُ يَا سَيِّدِي جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ السَّلَفِ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا اخْتَصَرَهُ الْفُقَهَاءُ تَقْرِيبًا لِمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ مِنْ الْمُتَعَلِّمِينَ وَالطَّالِبِينَ فَانْطَلَقَتْ أَلْسِنَةُ الْفُقَهَاءِ الْحَاضِرِينَ حِينَئِذٍ وَوَافَقُونِي عَلَى مَا قُلْتُ ثُمَّ دَعَا فَقَالَ اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , وَقَامَ إلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ الْوَزِيرُ أَقَدِمْت عَلَى سَيِّدِنَا الْيَوْمَ يَا فَقِيهُ فَقُلْتُ لَوْ سَكَتُّ لَلَحِقَتْنِي عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَكُنْت أَدْخُلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِ الْمُؤْمِنِ فَأَرَى مِنْهُ الْبِرَّ التَّامَّ وَالتَّكْرِمَةَ ثُمَّ سَكَتَ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ أَيَّامُ حَفِيدِهِ الْأَمِيرِ يَعْقُوبَ فَأَرَادَ حَمْلَ النَّاسِ عَلَى كُتُبِ ابْنِ حَزْمٍ فَعَارَضَهُ فُقَهَاءُ وَقْتِهِ وَفِيهِمْ أَبُو يَحْيَى بْنُ الْمَوَّاقِ وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ بِالْحَدِيثِ وَالْمَسَائِلِ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ لَزِمَ دَارِهِ وَعَارَضَ وَأَكَبَّ عَلَى جَمْعِ الْمَسَائِلِ الْمُنْتَقَدَةِ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ حَتَّى أَتَمَّهَا وَكَانَ لَا يَغِيبُ عَنْهُ فَلَمَّا أَتَمَّهَا جَاءَ إلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ وَغَيْبَتِهِ وَكَانَ ذَا جَلَالَةٍ عِنْدَهُ وَمُبِرًّا لَهُ

فَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُنَا قَدْ كُنْتُ فِي خِدْمَتِكُمْ لَمَّا سَمِعْتُكُمْ تَذْكُرُونَ حَمْلَ النَّاسِ عَلَى كُتُبِ ابْنِ حَزْمٍ وَفِيهَا أَشْيَاءُ أُعِيذُكُمْ بِاَللَّهِ مِنْ حَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهَا وَأَخْرَجْتُ لَهُ دَفْتَرًا فَلَمَّا أَخَذَهُ الْأَمِيرُ جَعَلَ يَقْرَؤُهُ , وَيَقُولُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ أَحْمِلَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذَا وَأَثْنَى عَلَى ابْنِ الْمَوَّاقِ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ ثُمَّ سَكَتَ الْحَالُ بَعْدُ فِي الْفُرُوعِ وَظَهَرَتْ وَقَوِيَتْ ,

للتذكير بكلام الامام الباجي وانتظارا لاثراء الاخوة المالكية نفع الله بهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير