تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حل إشكال هل يحل قطيعة الرحم]

ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[22 - 07 - 09, 01:44 ص]ـ

روى البخاري في صحيحه قال: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عوف بن مالك بن الطفيل هو ابن الحارث وهو ابن أخي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأمها أن عائشة حدثت

أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فقالت أهو قال هذا قالوا نعم قالت هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة فقالت لا والله لا أشفع فيه أبدا ولا أتحنث إلى نذري فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بني زهرة وقال لهما أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة فقالا السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل قالت عائشة ادخلوا قالوا كلنا قالت نعم ادخلوا كلكم ولا تعلم أن معهما ابن الزبير فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته وقبلت منه ويقولان إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عما قد علمت من الهجرة فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما نذرها وتبكي وتقول إني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل دموعها خمارها

صحيح البخاري - (19/ 20)

السؤال

كيف يحل لعائشة رضي الله عنها مثل هذا النذر

الجواب

قال ابن حجر رحمه الله

وقد استشكل على هذا ما صدر من عائشة في حق بن الزبير قال بن التين إنما ينعقد النذر إذا كان في طاعة كلله علي أن أعتق أو أن أصلي وأما إذا كان في حرام أو مكروه أو مباح فلا نذر وترك الكلام يفضي إلى التهاجر وهو حرام أو مكروه وأجاب الطبري بأن المحرم إنما هو ترك السلام فقط وأن الذي صدر من عائشة ليس فيه أنها امتنعت من السلام على بن الزبير ولا من رد السلام عليه لما بدأها بالسلام وأطال في تقرير ذلك وجعله نظير من كانا في بلدين لا يجتمعان ولا يكلم أحدهما الآخر وليسا مع ذلك متهاجرين قال وكانت عائشة لا تأذن لأحد من الرجال أن يدخل عليها إلا بإذن ومن دخل كان بينه وبينها حجاب إلا إن كان ذا محرم منها ومع ذلك لا يدخل عليها حجابها إلا بإذنها فكانت في تلك المدة منعت بن الزبير من الدخول عليها كذا قال ولا يخفى ضعف المأخذ الذي سلكه من أوجه لا فائدة للاطالة بها والصواب ما أجاب به غيره أن عائشة رأت أن بن الزبير أرتكب بما قال أمرا عظيما وهو قوله لأحجرن عليها فإن فيه تنقيصا لقدرها ونسبة لها إلى ارتكاب ما لا يجوز من التبذير الموجب لمنعها من التصرف فيما رزقها الله تعالى مع ما انضاف إلى ذلك من كونها أم المؤمنين وخالته أخت أمه ولم يكن أحد عندها في منزلته كما تقدم التصريح به في أوائل مناقب قريش فكأنها رأت أن في ذلك الذي وقع منه نوع عقوق والشخص يستعظم ممن يلوذ به ما لا يستعظمه من الغريب فرأت أن مجازاته على ذلك بترك مكالمته كما نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه عقوبة لهم لتخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر ولم يمنع من كلام من تخلف عنها من المنافقين مؤاخذة للثلاثة لعظيم منزلتهم وازدراء بالمنافقين لحقارتهم فعلى هذا يحمل ما صدر من عائشة وقد ذكر الخطابي أن هجر الوالد ولده والزوج زوجته ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث واستدل بأنه صلى الله عليه و سلم هجر نساءه شهرا وكذلك ما صدر من كثير من السلف في استجازتهم ترك مكالمة بعضهم بعضا مع علمهم بالنهي عن المهاجرة ولا يخفى أن هنا مقامين أعلى وأدنى فالأعلى اجتناب الإعراض جملة فيبذل السلام والكلام والمواددة بكل طريق والأدنى الاقتصار على السلام دون غيره والوعيد الشديد إنما هو لمن يترك المقام الأدنى وأما الأعلى فمن تركه من الأجانب فلا يلحقه اللوم بخلاف الأقارب فإنه يدخل فيه قطيعة الرحم وإلى هذا أشار بن الزبير في قوله فإنه لا يحل لها قطيعتي أي ان كانت هجرتي عقوبة على ذنبي فليكن لذلك أمد وإلا فتأييد ذلك يفضي إلى قطيعة الرحم وقد كانت عائشة علمت بذلك لكنها تعارض عندها هذا والنذر الذي التزمته فلما وقع من اعتذار بن الزبير واستشفاعه ما وقع رجح عندها ترك الإعراض عنه واحتاجت إلى التكفير عن نذرها بالعتق الذي تقدم ذكره ثم كانت بعد ذلك يعرض عندها شك في أن التكفير المذكور لا يكفيها فتظهر الأسف على ذلك إما ندما على ما صدر منها من أصل النذر المذكور وإما خوفا من عاقبة ترك الوفاء به والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير