سابعاً: روى الطبري فقال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي حمزة، قال: قلت لابن عباس: ما تطيب نفسي أن أصلى بمكة ركعتين، فقال: تطيب نفسك أن تصلي الصبح أربعاً؟ قلت: لا، قال: إنها ليست بقصر، صل ركعتين، وصل بعدها ركعتين ([12]).
الحكم عليه:
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي الحافظ، ومحمد بن جعفر هو المعروف بغندر. وأبو حمزة هو: نصر بن عمران.
رواة هذا الإسناد ثقات.
ثامناً: روى الطبري فقال: حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن زائدة بن عمير قال: سألت ابن عباس: كيف أصلي بمكة؟ قال: ركعتين ركعتين ([13]).
الحكم عليه:
زائدة بن عمير الطائي وثقه ابن معين ([14])، وبقية رجاله ثقات.
التوفيق بين هذه الروايات:
إن هذه الروايات متعارضة، لأن الروايات الثلاث الأولى تدل على أن للمسافر أن يقصر حال إقامته ولو كانت طويلة. أما الروايتان الرابعة والخامسة فإنهما تدلان على أن المسافر إذا أقام أكثر من تسعة عشر يوماً أو سبعة عشر يوماً أتم أما إذا كانت كذلك أو أقل من ذلك فإنه يقصر.
إلا أن الروايتين السابعة والثامنة، لم تتعرضا لتحديد مدة الإقامة، بل غاية ما تدلان عليه أن على المسافر أن يقصر وهو بالمصر وهو بالمصر. ولو صحت الرواية السادسة لكان المصير إليها متعيناً، لأنها مشتملة على إيضاح علة القصر، وعلة الإتمام، وعلى ضوئها يمكن الجمع بين الروايات. وذلك بأن تحمل الروايات الثلاث الأولى وكذا الروايتان السابعة والثامنة على من أقام وهو يقول: اليوم أخرج غداً أخرج، ثم يمكث المدة الطويلة وهو لم يخرج.
أما تحديد مدة القصر فهي لمن يدري متى يخرج. وبهذا تجتمع الروايات، ولا يبقى إلا مسألة واحدة وهي كم المدة التي إذا أقامها قصر، فبعض الروايات تدل على أنها تسعة عشر وبعضها سبعة عشر، وبعضا عشرة، ومرد هذا الاختلاف يعود إلى تعدد إقامة النبي e فقد أقام تسعة عشر يوماً بتبوك، وأقام سبعة عشر يوماً بمكة عام الفتح، كما أقام عشرة أيام عام حجة الوداع، وقصر في هذه المدد المختلفة.
وهذا الجمع وإن كان دليله ضعيفاً إلا أنه متعين صيانه لكلام الحبر ابن عباس من التناقض والاضطراب.
وقد سبق ذكر رأي ابن حزم، وهو أنه لا يرى صحة الاحتجاج بما روي عن ابن عباس – t - لمخالفته لما روى عن ابن عمر – t -([15]).
ولذا فلا يصح اعتبار ابن عباس ممن يرى قصر المقيم غير المستوطن لما سبق من رواية البخاري عنه، كما لا يصح الاحتجاج ببعض كلامه دون بعض لمخالفة الدقة العلمية، ولما فيه من تقويله ما لم يقله، ونسبته إلى مذهب لم يذهب إليه. والله أعلم.
_____
([1]) المصنف 2/ 453.
([2]) تهذيب الآثار مسند عمر 1/ 256.
([3]) المصنف 2/ 453.
([4]) تهذيب الآثار مسند عمر 1/ 255.
([5]) قوله: فلا أدري هو ذا أم لا، عدها ابن حجر من قول البخاري، وليست موجودة في التاريخ، وذكر محقق التاريخ أنها سقطت من الأصل. والله أعلم. التاريخ 5/ 352، التهذيب 6/ 270.
([6]) جاء في المصنف: حمزة بالحاء، والتصويب من التقريب.
([7]) المصنف 4/ 453.
([8]) المراد به: إذا سافرنا فأقمنا. كما صرح به الحافظ انظر حاشية ص41.
([9]) صحيح البخاري مع فتح الباري 2/ 561.
([10]) المصنف 2/ 454.
([11]) تهذيب الآثار مسند عمر 1/ 254.
([12]) تهذيب الآثار مسند عمر 1/ 254.
([13]) تهذيب الآثار مسند عمر 1/ 256.
([14]) الجرح والتعديل 3/ 612.
([15]) المحلى 5/ 23.
وأما الآثار عن التابعين فمنها ما رواه عبدالرزاق في مصنفه عن علقمة وهو من أصحاب ابن مسعود أنه أقام بخوارزم سنتين فصلى ركعتين.
وروى عن أبي وائل أنه خرج مع مسروق إلى السلسلة فقصر، وأقام سنين يقصر قلت: يا أباع عائشة ما يحملك على هذا؟ قال: ألتماس السنة، وقصر حتى رجع.
وروى عن معمر عن أبي إسحاق قال: أقمنا مع وال قال أحسبه بسجستان سنتين، ومعنا رجال من أصحاب ابن مسعود، فصلى بنا ركعتين ركعتين حتى انصرف ثم قال كذلك كان ابن مسعود يفعل.
هذه الآثار عبارة عن أفعال من هؤلاء السادة العلماء – رحمهم الله – ولا يصح الاستشهاد بها على عدم التحديد لعدم صراحتها، لأنها تحتمل أن إقامة هذه المدد الطويلة غير مقصودة منهم، بل ألزمتهم بها الظروف المحيطة بهم ثم إن الصحابة صرحوا بالتحديد فالأولى اتباع فهمهم.
فظهر مما نقلته أن الصحابة يحددون عند التحقيق و ما استدل به بعضهم هو عام محتمل حملوه على ما لا يصح حمله لأنهم صرحوا أنهم يحددون و الأولى الأخد بأقوالهم التي لا يدخلها إحتمال فهي الفاصلة في المسألة لذلك حدد السلف المدة و هم افهم للنصوص من غيرهم فالأولى إتباع فهمهم و الله أعلم
ـ[بدري أبوعاصم]ــــــــ[30 - 08 - 09, 01:29 ص]ـ
رحم الله الشيخ الالباني حينما قال أصبح البغات بأرضنا يستنسر
فهل أصبحت ياأخي محرر لمذاهب السلف حتى انك تجهل بعض علماء السلف فيما ذهبوا إليه
وأرى أنك غير فاهم أصلا لكلام شيخ الاسلام فكيف تفهم كالام الائمة رحمة الله عليهم أجمعين فهذه روايات صريحة عنهم وأنت تاولها كاصفاتية المتأولين تأييدا لشبههم وما استقر عنهم
وما نقلناه كافيا لإثبات ان لشيوخنا سلف في المسألة
وفي حد علمي أنه لايوجد احد من العلماء المعتبرين السلفيين حاشى أهل البدع المتهمين لشيخ الاسلام بالشذوذ والكفر لم يقل أحدهم ان شيخ الاسلام وابن العثيمين والالباني قالوا قولا لم يسبقوا إليه في السفر
وهذا يوجب عند طالب الحق ان يحذر من هذه الشبهة التي تمرض صاحبها ولعله بها يستبيح أعراضهم ويتنقصهم
وكم من محرر للباطل وهو لايدري
فتريت وراجع نفسك واتهم رأيك واحسن الظن بعلمائك
وهذا آخر ما أكتب هنا وأرى ان صاحب الموضوع ضاق صدره من هذه المسألة التي أخرجتنا عن مضمون الموضوع وصرفت الاخوة الذين كانوا متواجدين
وإن كان يهمك الامر فافتح موضوعا مستقلا واجعل عنوانه ابن تيمية وبن العثييمين يبتدعون قولا في تحديد السلفر لم يسبقوا إليه
ولا تقل لي فرق بين كذا وكذا لأنه هذا حقيقة قولك وغن لم تقله أنت سيقوله من يتبعك من الغرر
والاهواء تكون في بداية الامر شبيهة بالحق
وفي هذا القدر كفاية وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت أستغفرك واتوب أليك.
¥