بعد أن تأكدت من الحصول على ما في الشام ـ وطن شيخ الإسلام ومؤلفاته ـ أحببت السفر إلى العراق لجمع الفتاوى من هذا القطر. فتحصلت بعد التفتيش على مسائل في «مكتبة الأوقاف» في بغداد اجتمع منها (1) وفيها «الرسالة التدمرية» كاملة بخط نعمان الآلوسي وقد ألحقنا ما فيها من الزيادات بالمطبوعة، وفي مكتبة «الألوسيين» كتب، ورسائل «لشيخ الإسلام» من جملتها «المجلد الرابع من الدرر المضية» وهو مختصر الفتاوي المصرية، عدد صفحاته (401) لا يوجد هذا المخطوط في الأقطار التي فتشنا فيها ـ مع أن ناسخه نجدي ـ ويشتمل على (473) مسألة في «الفقه» من كتاب الحج إلى الإقرار، وفتشت في «مكتبة المتحف العراقي» أياما، وعند جماعات من فضلاء بغداد.
وكنت قد أزمعت السفر إلى البصرة، ثم الكويت، ثم تركيا، لكن صحة الوالد كانت متأخرة جدًّا وقد أقام ثمانية أشهر في بيروت فاضطررت إلى الرجوع إليه ثم رجعنا إلى الوطن.
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 - 07 - 09, 08:56 م]ـ
الرحلة الثانية إلى القاهرة وباريس:
كان مما أدخره الله لشيخ الإسلام: من إبراز مكنون علمه في خزائن الكتب الخارجية، ومما خص الله به والدنا: من إكمال جمع الفتاوى على يديه، ومن ثواب الصبر: أن جعل بقاء المرض سبباً للسفر المفيد؛ فسافر إلى باريس عن طريق القاهرة، وصلنا القاهرة وقمنا بزيارة «دار الكتب المصرية» ثم تصفحنا ما فيها من المجاميع، وما فيها من «الكواكب الدراري» فتحصل من الجميع مجلد متوسط، لم يكن موجوداً عندنا.
في باريس:
بعد أن أجريت له عملية وتماثل للشفاء بحمد الله ـ عمدنا كعادتنا ـ إلى «مكتبة باريس الوطنية» فتتبعنا ما فيها من الفهارس ـ المطبوعة باللغة العربية ـ للمخطوطات الموجودة في «باريس» و «لندن» و «برلين» و «فينا» وبعض فهارس مخطوطات «تركيا» وغيرها.
تتضمن تلك الفهارس (13) مسألة فصورت في تلك الرحلة وهي مما لم نعثر عليه في الأقطار العربية.
وفي عودتنا من باريس إلى القاهرة، فدمشق: أكملنا مطالعة فهرس «دار الكتب المصرية» وشرع الناسخ في نسخ المسائل، وصَوَّرْت ما في «الظاهرية» ـ مما خطه شيخ الإسلام بيده ـ إلا أن بعض الصور غامضة، والكتاب قديم؛ لا يستطيع قراءته في زمان المؤلف إلا أخص تلاميذه، ولم يكن عندنا وقت للنسخ؛ ولا للمقابلة؛ إلا لبعض مسائل.
الرحلة الثالثة:
وفي سنة (1380هـ) أمر «جلالة الملك المعظم» ـ حفظه الله وأثابه ـ بطبع هذه الفتاوى، وأمر أيضاً أن يدفع من المبالغ ما تحتاج إليه هذه المجموعة لتجهيزها للطبع، وما يحتاج إليه التصحيح.
فابتعثت إلى «بغداد» لشراء «المجلد الرابع من الدرر المضية» واستنساخ المسائل الموجودة في «مكتبة الأوقاف» وإلى «دمشق» للاتفاق مع نساخ مختصين ـ في نسخ المخطوطات القديمة ـ ليقوموا بنسخ المصورات من خطه ـ رحمة الله عليه ـ وتصوير جميع المخطوطات الموجودة في «المكتبة الظاهرية» لمقابلة المطبوعات، والمخطوطات عليها، وتصوير ما لم ينسخ سابقاً فصور ذلك كله وبلغ عدد «الأفلام» التي صورت فيها المخطوطات أكثر من (10) أفلام.
كل فلم يتسع لألف ومائتي صفحة، كما وفقنا لتصوير كتابي الوقف الموجودين عند «الشطي»؛ ولم تنسخ مصورات خط شيخ الإسلام في الشام، فقمت بمساعدة الناسخ على ما استعصب عليه؛ وأرجو أن لا يتعذر علينا شيء من خطه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 - 07 - 09, 09:11 م]ـ
طريقتنا في التصحيح والفهرس:
كانت الأصول المخطوطة في الظاهرية هي معظم الأصول التي حصلنا عليها للمقابلة، وأقدمها، وأصحها، ويوجد ضمن ما جمعه الوالد من نجد والحجاز «نسخ خطية»، و «مطبوعات» قد طبعت على نسخ متعددة.
فحصلت المقابلة على الأصول المذكورة، وهذه الأصول ـ من حيث الجملة ـ تبين كثيراً من التصحيف الواقع في بعض المطبوعات، وبعض المخطوطات: الناشىء عن كثرة الاستنساخ أو جهالة بعض النساخ لبعض المعاني، أو لبعض الخطوط القديمة.
كما تبين سقطا قليلاً في مواضع، وكثيراً في مواضع آخر: ما بين كلمات، أو أحرف، أو أسطر، وأحياناً صفحات، كما قد تبين زيادات من المؤلف على ما قد كتبه سابقاً.
وكنت أقوم بالتصحيح على هذه الأصول، ويتولى الوالد الإشراف عليه؛ كما أن بعض المسائل قد قابله الوالد فيما سبق».
¥