وذكر الشيخ الألباني له علة أخرى، وهي ضعف إبراهيم بن أيوب ناقلاً تضعيفه عن " لسان الميزان " المطبوع، وقد بين بعض الباحثين بعد الرجوع لمخطوطتين للكتاب أنه قد وقع بها – أي: النسخة المطبوعة – تصحيف وخلط ترجمتين ([2]) في ترجمة، وأن الراوي هنا هو إبراهيم بن أيوب الحوراني الدمشقي من العبَّاد، ولم يضعفه إلا أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي دون تفسير لهذا الجرح واعتبره بعضهم حسناً صالحاً للاعتبار، فيكون من الشواهد.
2 - روى مالك في " الموطأ " عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة. وعند الشافعي في " الأم " عن ابن أبي مليكة أن عائشة كانت تحلي بنات أخيها بالذهب والفضة لا تخرج زكاته.
3 - روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " وأبو عبيد وغيرهما عن يحيى بن سعيد قال: سألت عمر بنت عبد الرحمن عن صدقة الحلي فقالت: (ما رأيت أحداً يزكيه). قال الباجي في " المنتقى ": (وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة، وأعلم الناس به عائشة فإنها زوج النبي r وحكم حليها لا يخفى عليه أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر t فإن أخته حفصة كانت زوج النبي وحكم حليها لا يخفى على النبي r ولا يخفى عليها حكمه فيه).
4 - الأصل: أن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية؛ فلا تجب في بهيمة الأنعام إذا كانت عوامل -مع وجوبها إذا كانت للدَّرّّ والنسل أو التجارة-، ولا تجب في الدور إذا كانت للسكنى، ولا في عبيد الخدمة، ولا في ثياب البذلة.
قال شيخ الإسلام: (إن الشارع عني ببيان ما تجب فيه الزكاة؛ لأنه خارج عن الأصل، فيحتاج إلى بيان، بخلاف ما لا تجب فيه فإنه لا يحتاج إلى بيان بأصل عدم الوجوب).
5 - أن الزكاة شعيرة، وإيجابها في الحلي أمر تعم به البلوى فكيف لا يكون قد بُيِّن بياناً عاماً تتناقله الأمة، حتى لا يعلم به أقرب الصحابة إلى رسول الله r ؟! انظر كلام الشوكاني في " السيل الجرار 2/ 21 - 22 " كما أن كتبه r التي بين فيها الأموال التي تجب فيها الزكاة، والتي بلّغها الخلفاء الراشدون بعده وعملوا بها،لم يأتِ فيها ذكر الحلي ولا زكاته. وانظر كلام أبي عبيد في " الأموال " ص 450.
6 - القياس من وجهين:-
الأول: إلحاقه بغيره من الأحجار النفيسة بجامع الاستعمال المباح.
الثاني: قياس العكس، وهو إثبات ضد الحكم لضد الأصل.
فإن العروض لا تجب فيها زكاة، فإذا صارت للتجارة والنماء وجبت فيها .. عكس الذهب والفضة؛ تجب فيها، فإذا صارت حلياً مباحاً للاستعمال وانقطع عنها قصد التنمية بالتجارة صارت لا زكاة فيها
(فتعاكست أحكامها لتعاكسها في العلة)
7 - الوضع اللغوي:
أي الألفاظ الواردة في زكاة الذهب والفضة كلفظ " الرقة " و" الورق" ونحوها كالأواقي هل تشمل الحلي أم لا؟
وذكروا أن هذين اللفظين لا يكونان إلا للدراهم المضروبة، ولا يشمل الحلي.
8 - كما استأنسوا بحديث البخاري عن زينب امرأة ابن مسعود y قالت: كنت في المسجد فرأيت النبي r فقال:" تصدقن ولو من حليكن ". فدل على أنه لم يكنّ معتاداتٍ على الإخراج منه، فلم يأمرهن بالصدقة المستحبة منه ابتداءً .. فما دام أنها لم تكن محلاً للصدقة المستحبة فأولى بها أن لا تكون محلاً للصدقة الواجبة.
9 - وبما روت فريعة بنت أبي أمامة قالت: حلَّاني رسول الله r رعاثاً وحلّى أختي، وكنا في حِجره فلم تؤخذ زكاة حلينا قط. ابن منده، وابن سعد من طريق أخرى ([3]).
وذهب ابن مسعود من الصحابة، وقيل: لا يثبت عنه، ومجاهد وعطاء من التابعين، وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي، وقول ضعيف للشافعي، ورواية عن أحمد، وهو قول الظاهرية: إلى وجوب الزكاة فيه. واستدلوا بما يلي:-
1 - عموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ... والحلي من الكنوز، فمن ادعى خروج الحلي المباح من هذا العموم فعليه الدليل.
2 - ما رواه مسلم عن أبي هريرة t مرفوعاً: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا صفحت له صفائح من نار) الحديث .. أو كما قال r .
والمتحلي بالذهب والفضة صاحب ذهب وفضة ولا دليل يخرجه من العموم. وانظر كلام ابن حزم في " المحلى " 6/ 80.
¥