رسالة من أخ لكم يريد حلاً لمشكلته مع المعاصي
ـ[حكيم بن عبدالله]ــــــــ[07 - 08 - 09, 12:21 م]ـ
إخواني روّاد المنتدى العامر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أرسل لي أحد أصدقائي وهو مشرف في أحد المنتديات الإسلامية رسالة يقول إنه قد أرسل له عضو من أعضاء منتداه رسالةً يشكو فيها حاله ويريد لها حلاًّ فعرضت عليه أن يرسلها لي نصاً وقلت بما أنني مسجل في ملتقى أهل الحديث فسأضعها هناك وسأرسل لك رابط الموضوع ليتابع ويستفيد من إجابات طلبة العلم هنا، فأرجو منكم إخواني أن لا تبخلوا على أخيكم بالنصيحة، ونص رسالته هذا هو كما كتبه هو حرفيّاً:
(لقد منّ الله عليَّ بالإستقامة قبل خمس سنوات وتبتُ إلى الله توبة نصوح واتجهت ولله الحمد لحفظ كتاب الله وحضور الدروس عند مشائخ سلفيين ووفقت بحمدالله برفقة صالحة، المهم أنني حفظت أربعة أجزاء وتوقفت ولم أحفظ شيئاً من المتون وكانت أمنيتي أن أصبح طالب علم ولازلت أتمنى أن أكون طالب علم وأن أستفيد من ميراث الأنبياء وأن أكون من الصالحين المخلصين فقد ابتليت مؤخراً ولا تنتقدني أخي فسأكون معك صريحاً لأنني أريد الحق: فقد أصبحت أدخل منتديات الفسق بأسماء مستعارة واستدرجني الشيطان حتى أضفت بعض البنات والشباب إلى الماسنجر معي، وأصبحت أرى الصور المحرمة ولا أغض بصري عنها وأصبحت أغتاب بكثره وأصبحت عندي معاصي كثيرة جداً ولا أتورع عن أمور الحرام، وأنا والله يا أخي صادق وأريد أن أكون صادقاً ولو لم أرد الحق لما كتبت لك هذه الكلمات فقد كتبتها وأنا أتصبب عرقاً وخجلاً , والآن يا أخي أريد حلاًّ لأنني أصبحت لحية وثوب قصير فقط أما القلب فأصبح كالكوز مجخياً أسأل الله أن يتوب علي.
مع أنني ولله الحمد عندي حافظة قويّة جدا جدا حتى إن شيخي كان يقول لو أعطيت القرآن وقت بسيط ستصبح أعجوبه - ليس مفاخرة ذكري لهذا ولكن حتى تكون على علم بحالي - وايضاً من نعم الله علي عندي مكتبة أسستها باستشارة اهل العلم وكلفتني حتى الآن تقريبا أربعة عشر الف ريال وحالتي المادية ولله الحمد ممتازة.
ووظيفتي مناسبة جدا وتساعدني على طلب العلم، فهل من نصائح تسديها لي يا أخي وتدلني على الطريق وماذا أفعل بالتفصيل فقد مللت من حياتي، حتى أذكار الصباح والمساء لم أصبح أقرأها منذ سنتين تقريبا ولم اختم القرآن حتى تلاوةً منذ زمن بعيد.
فاكتب لي ماتنصحني به ولن أتضايق منك فإني أريد حلاً، دمت بحفظ الرحمن وسامحني)
إخواني هذا نص رسالة أخينا هداه الله وثبته وأردت منكم ياطلبة العلم أن تدلوه على الحق على ضوء رسالته فسأرسل لصديقي رابط الموضوع ليرسله إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[يوسف محمد القرون]ــــــــ[07 - 08 - 09, 02:23 م]ـ
جميل أن ترى ذلك الشاب وقد بدت عليه أمارات الخير والصلاح، والعز والفلاح، أطلق لحيته، ورفع ثوبه فوق كعبه، وتمسك بسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم فيما يرى الناس، فعُرف بينهم بجميل أدبه، وحُسن سمتِه ... اختار من الجلساء أحسنَهم، وغشى مجالس أفضلِهم ... إلخ، ولكن الأجمل من هذا كله أن يكون باطنه أجمل من ظاهره، وخلواته أصدق مع الله تعالى من علانيته ....
أقول هذا لأن هناك من الشباب من هاتفني والعَبَرات منه تسابق العبارات،قد تكدر خاطره، وضاق صدره، يشكو ذنوباً اقترفها، ومعاص قد ألفها إذا غابت عنه أعين البشر، قنواتٌ فضائية سلبت منهم الألباب، ومواقعُ إباحيّة كانت عن طاعة الله أعظم حجاب، ومشافهاتٌ إلكترونية اختبأوا معها خلف أسماء مستعارة، فاجترأوا على المحرمات، وتعدوا على الخصوصيات، ولربما اعتدوا على محارم الآخرين وأعراضهم.
أخي الشاب: إياك إياك أن يكون الله تعالى أهون الناظرين إليك، تخالف أوامره، وتستجيب للشيطان وداعيه، يقول سحنون رحمه الله: " إياك أن تكون عدوا لإبليس في العلانية صديقا له في السر" ... إن هذا الذنوب التي تكون في الخلوات من أعظم المهلكات، ومحرقةٌ للحسنات، جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً، " قال ثوبان: يا رسول الله صِفهم لنا،جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال:" أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها!! "، أترضى لنفسك يارعاك الله أن تكون واحداً من هؤلاء المحرومين الذين كان حظهم من أعمالهم التعب والمشقة، والآخرون في فضائل الله يتقلبون، ومن عظيم ما أعده ينهلون (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير،وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور (إذا أغلقت دونك الباب وأستدلت على نافذتك الستار وغابتك عنك أعين البشر، فتذكر مَنْ لا تخفى عليه خافية، تذكر من يرى ويسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، جل شأنه وتقدس سلطانه، أخشى بارك الله فيك أن تَزِلَّ بك القدم بعد ثوبتها، وأن تنحرف عن الطريق بعد أن ذقت حلاوته، واشرأب قلبك بلذته، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى"أجمع العارفون بالله بأن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات"، فهل يفرط موفق بصيد اقتنصه، وكنز نادر حَصَّله؟ احذر سلمك الله، فقد تكون تلك الهفوات المخفية سبباً لتعلق القلب بها حتى لا يقوى على مفارقتها فيختم له بها فيندم ولات ساعة مندم يقول ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله: "خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس".
فالله الله بإصلاح الخلوات، والصدق مع رب البريات، لنجد بذلك اللذة في المناجاة، والإجابة للدعوات.
محبكم: د/ زيد بن عبد الله ال قرون
¥