[ذكريات عن الشيخ البنا الساعاتي - الجزء العاشر]
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[14 - 03 - 03, 01:10 م]ـ
مخاوف ومحاذير (1)
جمال البنا
مع ما لقيه الشيخ الوالد من معونة وتأييد من النصيرين السعوديين، ومن بعض الذين قدروا عمله، فلم يكن الامر سهلا، وقد اصطدم كفاح النصيرين في السعودية بالبيروقراطية، وتمخضت الألف نسخة الى مائة ترسل بعناء، وتحصل قيمتها على اقساط. وعندما قامت الحرب العالمية الثانية (39 ـ 45) اشتعلت اسعار الورق وخفض الشيخ من حجم الاجزاء الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ثم اضطر للتوقف هنيهة.
واهمّ من هذا كل المطلعين على عمله، المقدرين لدوره، وكتب اليه الشيخ ابو السمح من مكة من ذي القعدة 1357 خطابا جاء فيه «ونرجو ان تختصروا في الشرح حتى يمكن اتمام الكتاب، فإن الاعمار كما لا يخفى غير مضمونة واذا اطلتم الشرح احتجتم الى مال كثير وعمر طويل، والمال يمكن ان يدرك، ولكن من يضمن طول العمر، وهذا المرحوم السيد رشيد رضا ترك تفسيره ناقصا، وكم من قائل له اختصر، وقائل له اقتصر، فلم يسمع إلا آخر حياته، ولم يدرك ما أمل فلا المطول اكمل ولا المختصر أتم، وترك كليهما ناقصا، فلم المسألة ولا تجعل لغيرك فيها يدا، واشرح ما لا بد منه وحسبك تخريج الحديث وشرح غريبه. والاشارة الى ما اختلف فيه العلماء والدلالة على مواضع البحث فيه فمن اكتفى بما بينته فيها ومن رجع الى بسط الموضوع في محله والدال على الخير كفاعله».
وكانت هذه القضية قد شغلت ذهنه قبل ذلك وكتب الى الشيخ في 22 شوال سنة 1356هـ «ويرى بعض الاخوان انكم توسعتم في الشرح حتى خاف ان يطول الكتاب واشفق ان تعجز النفقة عن اتمامه ويرى آخرون ان تقليل الملازم عما كانت، اولا تخل بنظام التجليد ووزن كل جلد ويقولون ان رفع القيمة لكل جزء ليبقى على ما كان من عدد ملازمه اولا خير من نقص الملازم والنتيجة على كل حال واحدة، اما انا فكل ما ترونه حسنا فهو عندي حسن ان شاء الله».
ولم يكن الشيخ ابو السمح وحده هو المشغول بهذه القضية فالحق ان عدم توفر المال كان تهديدا دائما وقد توقف الشيخ شيئا ما قبل صدور الجزء الخامس فكتب احد العلماء الغيورين على السُنة هو الشيخ محمود شويل من علماء المدينة المنورة في 12 المحرم سنة 56 «ولقد تأخر طبع الجزء الخامس حتى وضع كل محب للسنة يده على قلبه بما آلمه سُنة نبيها صلى الله عليه وسلم وجمع لها شتيت هذا المسند الذي اضاع فيه صِدِّيق هذه الامة الامام احمد بن حنبل الشيباني عمره الثمين».
وتعجب الشيخ كيف لا يفكر احد ابناء الامة الاسلامية في مد يد المساعدة والمعونة لطبع هذا (المجهر) الاسلامي الذي عم نوره الآفاق كلها بصدور اجزائه الاربعة الاول «اني لاستمطر أكف اهل الصدق والوفاء كسعادة الكريم الجواد مغازي باشا الذي حج هذا العام وزار الروضة المطهرة فأغدق على جيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيضا من سماء كرمه جعلهم يهتفون بذكره واستمطر أكف سعادة البدراوي باشا وسيد باشا خشبة وجلال بك محمود القيسي اعضاء مجلس النواب والشيوخ، وقد رأينا كرمهم الحاتمي اثناء حجهم هذا العام بمكة والمدينة ما جعل الألسنة تلهج بذكرهم والثناء عليهم .. » وبالطبع فإن احدا من هؤلاء السادة لم يعلم بهذا النداء ولو علم لما فعل شيئا فهناك فرق بين الكرم عند الحج .. وبين المساعدة على اخراج سفر علمي ثمين. ويبدو ان الشيخ شويل رحمه الله ـ ولعله مصري الجنسية ـ لم يتقدم الى احد من السعودية لتصوره ان المصريين اقدر على المساعدة وقتئذ.
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[14 - 03 - 03, 01:11 م]ـ
مخاوف ومحاذير (2)
جمال البنا
ولم يكن علماء السعودية وحدهم هم الذين شغلوا بقضية استمرار طبع المستند فقد كتب أحد علماء مصر المشهورين وهو الشيخ ابو العيون الى الشيخ خطابا في 4/ 9/1356هـ (640/ 10) يقول بعد الديباجة:
«سيدي ـ طالما فكرت في الكتابة اليكم في الشأن الذي احرر لكم فيه هذه الرسالة حتى وفقني الله من فضله اليوم فكانت فرصة سعيدة لنهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك اطال الله حياتكم النافعة الى امثاله.
¥