وابن مسعود إنما مات قبل عثمان بسنتين أو ثلاث
ويكفينا إثبات الداني لسماعه من ابن مسعود وتوهيم أحمد لشعبة في نفي السماع وميل أحمد لإثباته
ولو سلمنا جدلا بأنه لم يسمع من ابن مسعود فهذه الطريق تقوي ما سبق لكونها قوية في الشواهد في أدنى الأحوال
وجاءت روايات عن عطاء أخرى جلها من طريق من روى عنه بعد الاختلاط فهذه التي يرويها عنه حماد أصحها
وعطاء نفسه يكفيه قول أحمد بن حنبل فيه: " ثقة ثقة "
وقد روى عطاء الأثر أيضا عن أبي البختري أخرجها الطبراني فقال:
حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا عبد الله بن رجاء أنا زائدة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال: ذكر لعبد الله أن رجلا يجتمع إليه وذكر حديث أبي نعيم (كذا)
فيه عثمان الضبي لم أقف له على توثيق سوى ما وجدته منقولا في ملتقى أهل الحديث وفيه:
" قال الحاكم: ثقة مشهور. (بلغة القاصي والداني ص219)
وفيه ابن رجاء الغداني وليس المكي وثقه غير واحد وقال فيه الفلاس:
" صدوق كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة "
وقال ابن معين: ليس من أصحاب الحديث، ونسب له تصحيف الحديث
ورجح الحافظ أنه صدوق يهم قليلا، وحقه أن يكون أرفع
فطريق حماد أصح وأثبت ويمكن أن يكون كلاهما صحيحا فعطاء قبل أن يختلط كان ثقة ثبتا وكلاهما (حماد وزائدة) رويا عنه قبل الاختلاط لكن حماد أقوى في عطاء كما يدل عليه كلام الأئمة
ولأن أثر ابن مسعود هذا يكشف ما عليه أصحاب الأوراد المبتدعة من انحراف عن السنة ضاقت منه صدور مروجي البدع فصاروا يحاولون ما استطاعوا النيل من صحته ولو خبطا ومن هذا ما قرره المدعو سيف العصري حول رواية عطاء عن أبي البختري
عندما قال:
" أن في رواية عطاء بن السائب عن أبي البختري ضعفاً، قال الذهبي في الكواكب النيرات (ص61): وقال إسماعيل بن علية: قال لي شعبة: ما حدثك عطاء عن رجاله زاذان وميسرة وأبي البختري فلا تكتبه، وما حدثك عن رجل بعينه فاكتبه. اهـ
وهذا لون آخر من العبث فالكلام ظاهر في أن خطأ عطاء الحاصل في روايته عن هؤلاء إنما يكون عندما يجمع بينهم في الرواية الواحدة فيقول عن زاذان وميسرة وأبي البختري، وأما إذا روى عن واحد بعينه فقال عن أبي البختري أوقال عن ميسرة ...
فلا خلل في هذه الرواية، وهذا صريح قول شعبة الذي نقله سيف ولم يلتفت إليه أو لم يفهمه: " وما حدثك عن رجل بعينه فاكتبه "
وقد جاء هذا المعنى صريحا في الطبقات لابن سعد:
" سألت عنه شعبة فقال: إذا حدثك عن رجل واحد فهو ثقة، وإذا جمع فقال زاذان وميسرة وأبو البختري فاتقه، كان الشيخ قد تغير "
كان الله في عوننا، فنحن بين رجل غير مؤهّل وآخر غير مؤَمَّن
5 ـ وعند ابن وضاح قال:
نا أسد، عن عبد الله بن رجاء [المكي]، عن عبيد الله بن عمر، عن يسار [صوابه سيار] أبي الحكم، أن عبد الله بن مسعود حدث أن أناسا بالكوفة يسبحون بالحصا في المسجد، فأتاهم، وقد كوم (1) كل رجل منهم بين يديه كومة حصا، قال: فلم يزل يحصبهم بالحصا حتى أخرجهم من المسجد، ويقول: «لقد أحدثتم بدعة ظلما، أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما»
أسد هو ابن موسى ثقة بلا نزاع وثقه النسائي وابن يونس وابن قانع والخليلي والعجلي وذكره ابن يونس فقال:
" حدث بأحاديث منكرة وهو ثقة وأحسب الآفة من غيره "
وشذ ابن حزم كعادته فضعفه بينما لم يضعفه أحد قبله وردّ تضعيف ابن حزم الإمام الذهبي
وابن رجاء المكي ثقة تغير قليلا كما قال الحافظ
والإسناد منقطع فسيار لم يدرك ابن مسعود
6 ـ وروى ابن وضاح قال:
نا أسد، عن الربيع بن صبيح، عن عبد الواحد بن صبرة قال:
بلغ ابن مسعود أن عمرو بن عتبة في أصحاب له بنوا مسجدا بظهر (1) الكوفة، فأمر عبد الله بذلك المسجد فهدم. ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحا معلوما ويهللون (2) ويكبرون، قال: فلبس برنسا (3)، ثم انطلق فجلس إليهم، فلما عرف ما يقولون رفع البرنس عن رأسه ثم قال: أنا أبو عبد الرحمن، ثم قال: لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما، أو لقد جئتم ببدعة ظلما. قال: فقال عمرو بن عتبة: نستغفر الله، ثلاث مرات، ثم قال رجل من بني تميم: والله ما فضلنا أصحاب محمد علما، ولا جئنا ببدعة ظلما، ولكنا قوم نذكر ربنا، فقال: «بلى والذي نفس ابن مسعود بيده
¥