ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[14 - 08 - 09, 05:13 م]ـ
الأخ أبو معاوية البيروتي
كلامك هذا يدل على خطأ شائع جدا عند طلبة العلم، وهو أن هذه المذاهب الفقهية شيء والكتاب والسنة شيء آخر.
ورحم الله الشيخ العلامة الألباني، فلو ترك هذه العبارة لكان خيرا، ولكن أبى الله أن يجعل لأحد من العلماء العصمة.
وبيان هذا الخطأ أن الحكم بالكتاب والسنة لا يمكن أن يحصل إلا عن طريق الأشخاص، وإذا كان ذلك لا يمكن أن يحصل إلا عن طريق الأشخاص فهؤلاء الأشخاص ليسوا بمعصومين فالخطأ وارد عليهم، وإذا كان الخطأ واردا على الصحابة على جلالتهم، فمن بعدهم أولى وأولى أن يرد عليه الخطأ.
فهل تظن مثلا يا أخي الفاضل أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم لم يكونوا يحكمون بالكتاب والسنة؟!
هل تظن أن الإمام أبا حنيفة ومالكا كانا يحكمان بالإنجيل؟!
هل تظن أن الإمام الشافعي ناصر السنة كان يتعمد مخالفة النصوص؟!
هل تظن أن الإمام أحمد إمام أهل الأثر كان يخالف الكتاب والسنة؟!
هذه كلها ظنون كاذبة لا ترد إلا على خاطر من لم يتأدب بأدب العلماء، ولم يأخذ على يديهم.
ولا أريد أن يأتي معارض فيعارض بأن المتأخرين من أصحاب المذاهب كانوا يعتمدون قول إمامهم وكأنه قرآن متبع!
فإن هذا حتى إن سلمناه فهو معارض بكثير من أهل العلم الذين يخالفون ذلك وينكرون على من فعل ذلك.
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية المجتهد المطلق يقول: إن الحق لا يخرج عن المذاهب الأربعة إلا نادرا، فهل ترى شيخ الإسلام أيضا يحكم بغير الكتاب والسنة؟!
الكتاب والسنة نصوص، وإعمال هذه النصوص لا بد أن يكون عن طريق الفقهاء الذين يفهمون هذه النصوص ثم يطبقونها على أحوال الناس، فوجود المذاهب واختلاف العلماء أمر لا يمكن أن تنفك عنه الدنيا.
والأمر يحتمل بسطا كثيرا، ولكن أردت أن أشير بهذه الإشارة حتى لا يقع في روع أحد أن الأئمة الأربعة وكبار أتباعهم كانوا -لا سمح الله! - من الزنادقة المنافقين!
والله المستعان.
أخي العوضي
أنت أخطأت فهم عبارة الإمام الألباني،
فقد قالها عند زعم بعض الأحناف أن عيسى عليه السلام سيحكم بالمذهب الحنفي عند نزوله، وذكروا قصة ذلك في بعض كتبهم.
سبحان الله! في حديث ابن ماجه (4049) ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي يوم يرفع فيه القرآن من الأرض، أفلا يحتمل أن يأتي يوم تختفي فيه كتب المذاهب؟
ويعلق الألباني على الحديث في السلسلة الصحيحة (1/ 173) بقوله: فما أبعد ضلال بعض المقلدة الذين يذهبون أن الدين محفوظ بالمذاهب الأربعة وأنه لا ضير على المسلمين من ضياع قرآنهم لو فرض وقوع ذلك!!
وأتعجب من تحميل البعض لكلامي ما لم أقله، وهذا من استعجالهم في الحكم علي وكأني عضو جديد في الملتقى، فهل قرأتم في أحد مواضيعي طعنا بالأئمة الأربعة ومذاهبهم، ويبدو أن بعض أعضاء الملتقى هم من " أهل المذاهب " الذين لا يتقبلون أي نقد للمذاهب وليسوا من " أهل الحديث ".
وأظنه سيصل سوء الظن بالبعض أن يتهمني بالطعن بالأئمة الأربعة رحمهم الله وأتباعهم، فالله حسيبهم، وسأخاصمهم بين يدي الله العادل لبهتانهم لي.
وهل استقى الأئمة الأربعة أحكامهم إلا من الكتاب والسنة وأقوال السلف؟
لكنهم نهوا أتباعهم عن تقليدهم الأعمى، بل يقلدوهم بفهم الدليل وعدم اعطاء العصمة والتقديس لأقوالهم (تنظر أقوالهم في مقدمة صفة الصلاة للألباني)، فأتى بعدهم بعض الأجيال جعلت من أقوال الأئمة - بل ومن أتى بعدهم - قرآنا متبعا من خالفه - ولو لاتباع آية أو حديث - عاصيا بل متزندقا، بل وصل ببعضهم الأمر أنهم لا يصلون خلف أصحاب المذاهب الأخرى في المساجد، بل ولا يناكحوهم!!
وهؤلاء ما زالوا موجودين في معظم البلدان الإسلامية وبكثرة، وهم من أشد الناس محاربة لأهل الحديث - الذي يحمل شعاره هذا الملتقى - ونسوا وصايا أئمتهم بعدم تقليدهم تقليدا أعمى.
فيا إخوة احملوا كلام أخيكم محملا حسنا ولا تستعجلوا وتسيئوا به الظن وتحملوا كلامه على غير قصده.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[14 - 08 - 09, 05:27 م]ـ
يا أخي الفاضل
أهل التقليد الأعمى هؤلاء نكرة لا وزن لهم، ولا عبرة بأقوالهم، ولا يعتد بخلافهم.
ولم يخل المسلمون قط في عصر من العصور من علماء ربانيين يعلمون الناس الدين على منهج الكتاب والسنة، ومنهم الأئمة الأربعة.
وأما كلامك فهو واضح الدلالة في أن هذا غير موجود، ولن يوجد إلا في المستقبل، وأنت تسأل عن اليوم الذي سيحصل فيه ذلك، لأن هذا إن كان حاصلا اليوم فلا معنى لسؤالك.
فكلامك واضح يا أخي ولا يحتاج إلى تأويل، فأنت تسأل عن اليوم الذي تختفي فيه المذاهب الأربعة ويحكم فيه بالكتاب والسنة وما عليه الصحابة.
وهذا معناه أن الحكم بالمذاهب الأربعة دين آخر غير الكتاب والسنة وما عليه الصحابة.
وأنا لا أدري إلى أين يذهب خيالك في هذا اليوم الذي تبحث عنه؟
هل تظن يومها أن الذي سيحكم بالكتاب والسنة معصوم من الخطأ؟
أو أنه كأي عالم آخر يرد عليه الصواب والخطأ كأئمة المذاهب الأربعة؟
إن قلت إنه معصوم من الخطأ فهو ظن واضح البطلان، وأنت لا تقول به أصلا.
وإن قلت إن الخطأ وارد عليه كما يرد على غيره، فما الفرق بين حكمه وحكم الأئمة الأربعة؟
فالمسألة أعمق مما تظن يا أخي، والمغالطة كثيرة فيها من المعاصرين الذين يدعون الاجتهاد والتجديد، ونبذ التقليد والتعصب، فيأتون إلى أشياء لا ينازع فيها عاقل أصلا ويجعلونها أساسا لهدم ما أسسه العلماء في مئات السنين من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
¥