وخرجت الأمة لرؤية الهلال في كل أرجائها فلم يروه، لقد غُمَّ عليهم.
وقال علماء الفلك: غدًا رمضان.
وقال محمدٌ الذي جاء ليرحمنا الله به: فإن غم عليكم فأكملوا العدةَ ثلاثين.
بقول مَنْ ستأخذين يا أمة محمد؟!
وهل لكِ خيارٌ في ذلك؟!
وهل المسلم في هذه الحالة من حقه أن يختار بين محمد صلى الله عليه وسلم، وبين عدة نظريات ومسائل ستزول غدًا؟
معذرةً يا رسول الله، فإن النصارى ليسوا وحدهم الذين أهانوك.
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 08 - 09, 03:13 م]ـ
شكر الله لكم وحبذا لو اقتصرنا على الموضوع إخوتي وليكن العرض جاداً وليحترم بعضنا بعضا فنحن إخوة نسعى لتصور شرعي مبني على إلمام دقيق بطرائق الحساب المستخدمة لكي نعرف هل الحساب الفلكي للرؤية قطعي حقا وهل يجب على الأمة التزامه؟
وبعد:
حول الحديث: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)
معذرة إخوتي الأحبة، هذا حديثان منفصلان، وقد رُكبا في المشاركات السابقة ..
مما جعل الأخ مؤيد يقول: (السياق في تحري الهلال! لا نكتب ولا نحلل ولا نحسب في تحري الهلال).
بينما يقول الأخ حارث: (في سياق حساب الشهور لمعرفة أطوالها).
والفرق واضح ..
لم أفهم أخي الحبيب ما ترمي إليه بقولك: بينما يقول حارث ... ، هل توافق حارثا فيما قال أو تخالفه، فهو يحفظ لفظ الأثر وتمامه: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين.
يعني الشهر (29 - 30).
فالحساب المذكور لو حمل اللفظ على معنى الإنشاء يتوجه من السياق ودلالة العرف والشرع أنه الحساب الذي يعنى بتحديد طول الأشهر القمرية.
وهذا ما أشرت إليه في المشاركة السابقة ...
وإذا حملته على معنى الخبر فقد مضى ذكر دلالته على عدم تكليف الأمة الحساب الفلكي.
ثم إن من اعترض على من منع أن تكون الرؤية حسابية استدلالاً بهذا الأثر كما ذكر الأخ مؤيد لا بحجة أن الأثر ليس لفظه نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته.
فلا يستقيم اعتراضه فقوله صلى الله عليه وسلم سواء أكان متصلاً أو منفصلاً فهو حجة فالمجمل -لو قدرنا أن قوله صوموا لرؤيته مجمل وليس كذلك- يبينه المتصل ويبينه الدليل المنفصل.
لكن الوجه الأظهر في بيان معني الرؤية هو تمام الحديث كما علق حارث هذا في مشاركة سابقة وهو: فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان الحديث.
ثم هذا المعنى يعضده قوله صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الحديث.
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 08 - 09, 10:36 م]ـ
أخي
الإلزام ليس حول إيجاب تعلم الحساب الفلكي
بل هو إلزام لمن يحرمه، ويرفض قبوله بنص الحديث ..
أي تحريمه شرعًا سواء وافق أقوال الشهود، أو خالفها ..
أما رفضه لمجرد مخالفته لأقوال الشهود، لا لكونه محرم بذاته، فهذا أمر آخر، وهو ما نقوم بالتباحث به هنا في هذا الموضوع على حسب ظني ..
شكر الله لك أبا محمد .. لكن مَنْ حَرَّم الحسابَ الفلكي بارك الله فيك من الإخوة هنا حتى يلزم هذا الإلزام؟
يا أخي نحن نقول: ليحسبوا كما شاءوا، بل ينبغي أن تتعلم بعض الأمة هذا الحساب، وينبغي أن تطور في بعض طرائقه كما صنع الأخ مؤيد نفسه في برنامجه.
لكن هذا شأن وموضوع اعتماد الحساب في إثبات بداية الشهر أو منعه شأن آخر.
كما نقول لك ينبغي أن نتعلم كيف نحلل الحمض النووي وهذا مهم له تطبيقات شرعية كثيرة مفيدة لكن الاستدلال به على نفي الولد لصاحب الفراش ونسبته للعاهر خلاف النص فهذا هو الممنوع.
وكذلك الشرع قال صوموا لرؤيتكم الهلال فجعل رؤيتة الهلال طريقاً شرعياً معيناً لبدء صيام رمضان.
فمن أراد أن يستبدل هذه العبادة بغيرها أو يحدث فيها فيقال له الشارع لم يجعل هذه الطريق طريقا لبدء الصوم، وأما ظنك أن مقصود الشراع تعليق العبادة ببلوغ تلك الكتلة القمرية محلاً في الفضاء فهو توهم لو تأملت علمت أن ليس وراءه كبير حكمة، ثم هو توهم يخالف ما يستفاد من النصوص التي أرشد فحواها إلى أن للشارع مقاصد أخرى -أشير إلى بعضها في ما مضى-، كما أن للشارع تعريفه المقيد لبداية الشهر، وذكرت لك أن هذه التعاريف للأشهر القمرية تتفاوت عند الأمم.
وأما من أراد أن يستدل بالحساب على كذب أو وهم أو غلط أكثر من إحدى عشر شاهداً راشداً عدلاً مثلاً -كما حدث فعلاً- تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، بدعوى أن الحساب القطعي نفى إمكانيتها فنقول له:
- هات برهانك على أن حساب عدم إمكان الرؤية قطعي.
- فإذا جاء بما يخاله كذلك قلنا له هل تلزم القاضي بالتمحل وتعلم حسابك هذا أو تقليدك من أجل رد شهادة هؤلاء؟ وهل الشريعة تأتي بمثل هذا التكلف؟
- ثم هو قد يكفينا المؤنة ويعلم بعد البحث أن حساب الرؤية ليس بالقطعي، وأن احتمال الخطأ فيه كبير حتى عند اقتران القمر، وأن ثمة عوامل لم يراعها الغربيون ولا الشرقيون (كالهنود) في معاملات حساب الرؤية لأسباب شتى أهما عدم انضباطها المقترن بعدم عنايتهم بها إذ تعريفهم لبداية الشهر لا يعبرها.
وفوق كل ذلك نفي الإمكان حكم باستحالة التغير في عوامل فلكية وأرضية كثيرة لا نملك دليلاً شرعياً ولا عقلياً على عدم إمكان حدوث التغير فيها ولو نادراً بغير علاقة نضبطها، كما أننا لا ندعي حصول التغيير لكن إمكانه وارد ولاسيما إذا تضافرت الرؤى والأرصاد التي كانت هي الأساس أصلاً لعمليات الحساب الفلكي التي نقول بقطعيتها!
ولهذا نقول إن اعتماد الحساب في نفي الرؤية أو في رد الشهادة باطل.
¥