حسب كوكبة من العلماء العرب السوريين فإن عظمة اكتشاف مملكة ايبلا لايكمن في عمارتها وفنونها المتميزة وحسب بل في محفوظاتها الوحيدة في الألف الثالث قبل الميلاد .. وإن ظهور هذا الكنز الكتابي في سورية يعد الدليل الوحيد على اقدم ثقافة سورية شامية عربية .. وهذا يعني أن اصول العربية التي نتكلم بها اليوم تبدأ من هنا على مستوى النص على الاقل, وحسب المصادر العلمية الموثوق بها للدكتور علي القيم: إن اللغة الايبلائية أقدم لغة عربية فهي مشابهة للاكادية التي ظهرت أولاً في عهد (شروكين) 2370 ق. م ثم هي أصل اللغة الكنعانية.
ويقول الايطالي باولو ماتييه: تعد حلب عاصمة بلاد يمحاض مركزا حضاريا مهما وسلطة سياسية في شمال سورية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ويعتقد ماتييه أن ايبلا قد تحولت في هذا العصر الى مدينة ثانوية في دائرة السلطة الحلبية القريبة منها.
عروبة لفظ حلب
إن لفظ حلب ورد للمرة الأولى في الشهادات الاثرية في بداية القرن التاسع عشر قبل الميلاد وخلافاً لمعظم مدن الشرق العربي الشهيرة التي اندثرت بعد قرون من الازدهار استمرت الحياة في حلب رغم أقسى الكوارث الطبيعية والبشرية وقد كشفت نصوص ايبلا وماري وآلالاخ أن العرب الكنعانيين أول من سكن سورية .. وكان انتشار الاثار الكنعانية في كثير من البلاد ولاسيما البعيدة لهذا فإن لفظ حلب الذي ظهر لأول مرة في القرن التاسع عشر قبل الميلاد بلفظه في عصر ملك حلب العربي الكنعاني سومو ايبوخ (صاحب السمو الاب أو الأخ) لم يعد بحاجة الى تأويل أو تخمين لان العلماء العرب السوريين يؤكدون أن اللغة العربية وليس السومرية (الهندواوربية) كانت وماتزال المفتاح لفهم وترجمة النصوص الايبلائية ولهجاتها.
يقول الدكتور محمدمحفل: إن لغاتنا القديمة يجب أن ندرسها انطلاقا من اللغة العربية فاللغة العربية جاءت وجبّت ماقبلها واحتوت الاكادية والبابلية والاشورية والآرامية ويقول الدكتور فيصل عبد الله - جامعة دمشق-:
لم يكن في نية علماء التاريخ القديم في الغرب في أي وقت أن يقيموا الصلة بين انسان الامس الذي كتب بتلك الكتابات السحرية وابداع تلك الحضارة التي باتت من الجذور الاقدم للحضارة الانسانية وبين انسان اليوم الذي يعيش بلا انقطاع في تلك المنطقة .. ولم يجد هؤلاء العلماء من مصلحتهم القومية ولا الشخصية (العلمية) نسبة القول أن فضل قيام الحضارة القديمة يعود لاسلاف عرب اليوم وحضارتهم ولغتهم انهم يتجاهلون ذكر العرب والعربية واستمرارية الحضارات القديمة في العربية وحضارتها .. وإن من كتب التاريخ هو الذي يمتلكه ونحن للاسف لم نكتب تاريخنا القديم الذي يمتد الى خمسة آلاف عام ...
أسماء المدن والقرى القديمة
في سورية عربية كنعانية
إن الدكتور الفونسو آركي ومن نقل عنه لم يوضحوا لنا سبب تسمية حلب بهذا الاسم رغم أن تسمية المدن والقرى والمزارات وأسماء الآلهة عند العرب الكنعانيين السوريين , كان لها ثلاثة مدلولات:
1 - دلالة طبيعية
قاسيون: قاسي+ ون = قاسيون وهو بالفعل جبل قاس , بردى: وهو نهر دمشق الشهير , معناه البرد من البرودة.
2 - دلالة دينية: بابل معناها (باب ايل- باب الله) سرجلا (سراج ايل: أي نور الإله ايل) حريتان (إله الحرية , لأن ال¯ ان في العربية الكنعانية تعني (إله).
3 - دلالة عسكرية: ماري جذرها (مر) ومعنى المر القوة جاء في القرآن الكريم (ذو مرة فاستوى) ومعنى (ماري) هنا بمعنى القوي - الماري , تدمر: جذرها دمر , ومعنى دمر في لسان العرب دمر.
4 - أسماء شخصية: في العصر السلوقي نقرأ اسماء مدن وقرى تحمل دلالة شخصية اسم الام أو الزوجة أو الحبيبة (أفاميا- انطاكية- راميتا , لاودكيا)
أما لفظ - حلب - لم يحمل أياً من الدلالات (الطبيعية أو الدينية أو العسكرية أو الشخصية) بل هو اسم بصيغة الفعل (حلب - يحلب- تحلب) حلب إبراهيم أغنامه , فنحن نقول: زاد تزيد (يزيد) ناخ ينوخ (تنوخ) اسم قبيلة عربية مسيحية قبل الاسلام وبعده غلب يغلب (تغلب) قبيلة عربية سورية قبل الاسلام.
كما عرفت اللهجات العربية الصيغ الثلاث من الأفعال: (الماضي- المضارع - الامر) ولابد من الاشارة الى أكثر الفقهاء يعتبرون ان الفعل اسبق من الاسم والفعل اساس الاشتقاق لكن الاسم الآن جب الفعل وليس الاسم اصلاً.
¥