إن الاحساس بالمعاني يسبق اختراع الكلمات إن الحلبيين يؤمنون ايماناً راسخاً بمقامات إبراهيم الخليل الثلاثة فيها وبكثير من المقامات الأخرى في جوار حلب.
ابراهيم الخليل زار حلب
بالأدلة العلمية والاثرية
إن العلماء العرب يقولون: إن وجدنا دليلا واحدا قلنا (نظن) وإن وجدنا دليلين قلنا (نرجح) وإن وجدنا ثلاثة أدلة فما فوق حق لنا أن نقول (نقرر) لهذا فإن رأي العلامة ألفونسو آركي ومن وجهة نظري وحتى تاريخ قراءته الثانية لنصوص ايبلا لم يأت بدليل واحد على أن لفظ (حلب) ورد بلفظه (ح-ل-ب) كما ورد في نصوص ماري بل ورد (ح-ل-م) في نصوص ايبلا وثمة فرق كبير وشاسع بين الكلمتين (حلب) و (حلم) وكل كلمة تنضح بمعناها في العصر العربي الايبلائي السوري.
إن كلمة حلب وردت لأول مرة بلفظها دون تصحيف وحسب المعطيات الاثرية حلب وتحديدا في العصر العربي الكنعاني في القرن التاسع عشر قبل الميلاد ويرجح بعض العلماء أو يكادون أن هجرة ابي الانبياء إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام كانت بين احد التاريخين 1991 - 1786 ق. م أي قبل حوالي اربعة آلاف سنة ففي عهد ملك حلب العربي الكنعاني سومو ايبوخ او ابنه ياريم ليم تباركت حلب بهجرة سيدنا ابراهيم الخليل إليها وإقامته فيها فترة من الزمن اذ كان اسم المدينة منذ سنة 2370 قبل الميلاد (أرمانوم أي أرض الامان ثم استمدت اسمها (حلب) من قصة ابراهيم الخليل أثناء حلبه الاغنام في تل المدينة.
ويقول العلامة الحلبي محمد الانطاكي (رحمه الله)
هذا القول يظل صحيحاً مابقي المعنى الحقيقي حيا في الأذهان وما ظل المجاز واضح العلاقة محسوسها.
ويقول العلامة صبحي الصالح في كتابه (دراسات في فقه اللغة): ((ولاشك أن هناك تلازماً بين المناسبة الطبيعية وبين الألفاظ والمعاني)).
إن اسماء المدن والقرى والأماكن في أنحاء الوطن العربي وتخومه كافة تعد المادة الأولى اللغوية للعربيات التي استمرت منذ غابر العصور في لفظها وتواترها , وهي أسبق من اكتشاف النقوش الكتابية وقراءتها التي بدأت في بدء الربع الأول من القرن التاسع عشر فإذا اعتمدنا على علم الدلالة فإن هناك تلازما بين مناسبة حلب ابراهيم الخليل أغنامه وتسمية الاموريين (الكنعانيين العرب) اسم مدينتهم حلب.
إن كلمة (حلب) بقيت في الاذهان منذ أربعة آلاف سنة بالمعنى الذي تحمله وهو دليل قاطع أن مدينة حلب استمدت اسمها من حلب سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام أغنامه فسمى الأموريون (الكنعانيون العرب) مدينتهم حلب.
ابراهيم الخليل في قلعة حلب
يعد المؤرخ الحلبي الكبير ابن العديم المتوفى سنة 660 ه¯/1261 م أول من تحدث عن (بيت الصنم) في قلعة حلب
أقول: إن ابن العديم أورد عبارة (بيت الصنم) في روايته وحسب مصادره بدلا من اسم الإله (حدد: إله الطقس) وهذا دليل قاطع جازم في صحة روايته لأن العرب السوريين في مدينة حلب في العصر العربي الكنعاني كانوا يقولون (بيت الصنم) بدلا من ذكر اسم الههم الوثن (حدد: إله الطقس) وقد جرت العادة في الديانات الوثنية أن يتجنب العباد ذكر الإله بالاسم بل بألقابه تعظيماً واحتراماً له.
لم يكتشف أحد قبل المؤرخ الحلبي ابن العديم معبد الإله (حدد) الذي سماه (بيت الصنم) في قلعة حلب الذي تحدث عنه قبل حوالي 800 سنة.
قال ابن العديم (اسم حلب عربي لاشك فيه وكان لقبا لتل قلعتها وإنما عرف بذلك لأن ابراهيم الخليل - صلوات الله عليه- كان اذا اشتمل من الأرض المقدسة ينتهي الى هذا التل فيضع به أثقاله ويبث رعاءه الى نهر الفرات والى الجبل الاسود وكان مقامه بهذا التل فيضع به بعض الرعاء - رعاة ورعيان- ومعهم الأغنام والمعز والبقر حسب مصدر ابن العديم فصار اليه ابراهيم أي وصل الى بيت الصنم المعبد في رأس تل قلعة حلب.
قال ابن العديم فأخرج - ابراهيم الخليل - الصنم وقال لمن حضره من الكنعانيين ادعوا إلهكم هذا أن يكشف عنكم هذه الشدة فقالوا: وهل هو إلاحجر ? فقال لهم: فإن أنا كشفت عنكم هذه الشدة ما يكون جزائي? فقالوا له: نعبدك! فقال لهم: بل تعبدون الذي أعبد , فقالوا نعبد.
¥