اليوم الرابع من رمضان ويكون قد فاتهم من رمضان 3 أيام (57 ساعة و25 دقيقة) وإن خالفوا النص فسوف يكون شعبان 28 يوما (على راي إلياس) ويكملونه بيوم من رمضان إضافة إلى مخالفة النص النبوي الكريم. ولن يقتصر الأمر على ذلك إن غم عليهم ليلة الثلاثين من رمضان فربما أدخلوا أربعة ايام من رمضان في شوال. كما أن الأمر لا يختلف كثيرا عند الفريق الرابع طال الشهر أو قصر.
واقول إن الذي يريد أن يرفع الحرج عن الأمة المسلمة بالحساب الفلكي كلفها بما لايطاق وذلك أنه يوجب على كل مسلم في البلاد المسلمة وغير المسلمة أن يكون معه جهاز قياس الإحداثيات ( GPS) حتى يعرف إحداثياته على الكرة الأرضية ويوجب عليه أيضا أن يعلم متى يولد الهلال في مدينته بل في بيته. بل يوجب على كل شاهد أن يحمل هذا الجهاز معه حتى تقبل شهادته أو ترد.
وها نحن اثبتنا أن الحساب الفلكي لايمكن أن يكون وسيلة تؤدي إلى المقصد الشرعي بطريقة أوفى واكمل من الرؤية البصرية او التلسكوبية وذلك لاضطراب هذه الوسيلة اضطرابا شديدا لايمكنها من منافسة الوسيلة الظنية (الرؤية) وعندي أن الظني غير المضطرب مقدم على اليقيني المضطرب ذلك أن الظني مغتفر خطاؤه واليقيني غير مغتفر. وبعد هذا كله يجوز لنا أن نقول:
o كانت الأمة مجمعة على الرؤية البصرية لما يقرب من 14 قرنا وكان الخلاف بينها لا يتجاوز وحدة مطالع واختلاف مطالع وعدد شهود. أما اليوم فقد اختلفت الأمة على الحساب خلافا لم تختلفه من قبل فأصبحت شيعا وأحزابا لا يقبل بعضها قول بعض.
o إننا لم نحقق الوحدة المنشودة من الحساب الفلكي بل إن الحساب الفلكي زادنا تفرقا حتى أصبح لكل فلكي رأي في المسألة ولكل فقيه رأي ايضا. والحساب الفلكي يجعل من بعضنا يصوم اليوم والبعض يصوم بعده بيومين كما أن الحساب الفلكي أيضا يجعلنا نفرط أحيانا بيومين من شهر رمضان المبارك ونضطر للدخول في يوم أو أكثر من شهر شوال
o الحساب لن يخرج الأمة من مشكل إثبات الهلال والفوضى التي أصبحت مخجلة بل مذهلة حيث يبلغ الفرق كما حصل في بعض الأعوام ثلاثة أيام.
o هدف الحديث "صوموا لرؤيته ـ أي الهلال ـ وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له" هو أن يصوموا رمضان كله، ولا يضيعوا يومًا منه, لن يتحقق كما بينا سابقا.
o السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم وشرائعهم، أمرٌ مطلوب دائما، ولكن الحسابات الفلكية لن تحقق الوحدتين الكلية والجزئية.
o الحساب الفلكي سوف يجعل فريقا من الناس يصوم اليوم على أنه من رمضان، ويفطر آخرون.
o الأخذ في النفي لا في الإثبات، يوقع الأمة في حرج كبير ولا يمكن أن يحل المشكل.
oلم يستطع الحساب الفلكي أن يخرج وسيلة واحدة أكمل من الرؤية البصرية وإنما خرج بعدة وسائل كل وسيلة تؤدي إلى مقصد مختلف. ثم إن الاختلاف المتباين بين الفقهاء والفلكيين حول الحساب الفلكي لأوضح دليل على اضطراب الحساب وعدم قدرته على أن يكون بديلا للرؤية البصرية.
إنني أرغب إلى فضيلة الشيخ القرضاوي لما له من كلمة مسموعة في بقاع العالم الإسلامي أن يراجع هذه القضية ونحن كما عهدناه أوابا إلى الحق فكم من فتوى وقول كان يقول به وعدل عنه لما رأى الصواب في غيره وهذه صفة لايهبها الله سبحانه وتعالى إلا لمن اصطفاهم من عباده.
ولي عتب شديد على الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان والذي له عندنا مكانة عظيمة لما علمناه لديه من علم واسع واطلاع جم وخلق رفيع وتواضع غير متكلف, عندما التقته جريدة الوطن السعودية في عددها 1594 فقال إن "توفر وسائل التقنية الفلكية بين يدينا ثم إعراضنا عنها يدل على تخلفنا الفكري والعقلي" وأتعجب, كما تعجب, غيري كيف تصدر هذه الجملة من أصولي كبير درج على احترام النصوص النبوية واحترام قول المخالف؟. وأقول له حرسه الله, لو أن الله سبحانه وتعالى سأل الذي يقول بالرؤية البصرية لم أخذت بها فقال يارب تعبدتك بما فعله نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم- غير متكلف للبحث عن علة وحساب فلكي أسوة بنبيك الذي أرسلت, أحسب أنه من المعذورين أمام الله سبحانه وتعالى. فهل يجوز لنا أن نصم جماعة من علماء الشريعة وعلماء الفلك بالتخلف الفكري والعقلي لأنهم لم يأخذوا بالحساب الفلكي؟.
¥